قال أبو الفرج الاصفهاني : لمّا توفي الإمام مسموماً خشى الرشيد ردّة فعل المسلمين عند انتشار خبر موته ، فأدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد وفيهم الهيثم بن علي وغيره ليشهدوا على أنّه مات حتف أنفه دون فعل من الرشيد وجلاوزته ، ولمّا شهدوا على ذلك اخرج بجثمانه الطاهر ، ووضع على الجسر ببغداد ، ونودي بوفاته. (١)
هذه لمحة خاطفة عن حياة الإمام موسى الكاظم عليهالسلام توقفك على الوضع السياسي السائد آنذاك في العراق والحجاز ، وموقف الحكومة تجاه إمام الشيعة ، أفهل يمكن للإمام التصريح بالقائد من بعده ؟!
ومع ذلك كلّه فإنّ الإمام الكاظم له تنبوءات عن المستقبل المظلم الذي ينتظره بعض الشيعة ، وإليك بعض ما روي في ذلك :
روي عن ابن سنان قال : دخلت على أبي الحسن موسى الكاظم من قبل أن يقدم العراق بسنة ، وعليّ ابنه جالس بين يديه ، فنظر إليّ وقال : « يا محمد أما إنّه ستكون في هذه السنة حركة ، فلا تجزع لذلك » قال : قلت : وما يكون جعلني الله فداك فقد أقلقتني ؟ قال : « أصير إلى هذا الطاغية ، (٢) أما إنّه لا يبدأني منه سوء ومن الذي يكون بعده » (٣) قال : قلت : وما يكون جعلني الله فداك ؟ قال : « يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء » . قال : قلت : وما ذلك جعلني الله فداك ؟ قال : « من ظلم ابني هذا حقَّه ، وجحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إمامته وجحده حقّه بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » قال : قلت : والله لئن مدّ الله لي في العمر لأسلِّمن له حقّه ، ولأقرّن بإمامته.
قال : « صدقت يا محمد يمدّ الله في عمرك وتسلِّم له حقّه عليهالسلام وتقرّ له بإمامته وإمامة من يكون بعده » ، قال : قلت : ومن ذاك ؟ قال : « ابنه محمد » ، قال :
______________________
١. أبو الفرج الاصفهاني : مقاتل الطالبيين : ٥٠٤.
٢. يريد به المهدي العباسي.
٣. يريد به موسى بن المهدي.