حينئذٍ ، فمضى به ، فحبسه عنده سنة.
ثمّ كتب إلى الرشيد أن خذه منّي وسلّمه إلى من شئت وإلّا خلّيت سبيله ، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجّة ، فما أقدر على ذلك ، حتى أنّي لأتسمّع عليه إذا دعا لعلّه يدعو عليّ أو عليك ، فما أسمعه يدعو إلّا لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة.
فوجّه من تسلّمه منه ، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد فبقى عنده مدّة طويلة وأراد الرشيد على شيء من أمره فأبى.
فكتب بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلّمه منه ، وأراد ذلك منه فلم يفعل.
وبلغه انّه عنده في رفاهية وسعة ، وهو حينئذ بالرقة.
وقد أثار هذا الأمر غضبَ الرشيد إلى ان انتهى الأمر بتجريد الفضل بن يحيى وضربه بسياط وعقابين. (١)
هذا هو موقف الرشيد مع الرجل الذي كان يحترمه جلّ المسلمين وينظرون إليه بأنّه من أئمّة أهل البيت ، فكيف الحال مع سواد الناس إذا اتّهموا بالتشيّع وموالاة الإمام عليهالسلام ؟!
قال ابن كثير : فلمّا طال سجن الإمام الكاظم عليهالسلام كتب إلى الرشيد : « أمّا بعد يا أمير المؤمنين انّه لم ينقضِ عني يوم من البلاء إلّا انقضى عنك يوم من الرخاء ، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون ». (٢)
ولم يزل الإمام ينقل من سجن إلى سجن حتى انتهى به الأمر إلى سجن السندي بن شاهك ، فغال في سجن الإمام وزاد في تقييده ، حتى جاء أمر الرشيد بدس السم للكاظم فانبرى السندي إلى تنفيذ هذا الأمر ، وكانت نهاية حياة الإمام الطاهر على يده الفاجرة.
______________________
١. الطوسي : الغيبة : ٢٨ ـ ٣٠ بتلخيص.
٢. ابن كثير : البداية والنهاية : ١٠ / ١٩٠.