إلى أن قال : قد كان قبل بني القداح قريب ممّن يتعصب للمجوس ودولتها ، وكان ممّن واطأ عبد الله أمره رجل يعرف بمحمد بن الحسين ويلقب بزيدان من ناحية الكرخ من كتاب أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف ، وكان هذا الرجل متفلسفاً ، حاذقاً بعلم النجوم ، شعوبياً ، شديد الغيض من دولة الإسلام. (١)
٣. قال ابن الأثير : فلما يئس أعداء الإسلام من استئصاله بالقوة أخذوا في وضع الأحاديث الكاذبة وتشكيك ضعفة العقول في دينهم بأُمور قد ضبطها المحدّثون وأفسدوا الصحيح بالتأويل. فكان أوّل من فعل ذلك : أبو الخطاب محمد بن أبي زينب مولىٰ بني أسد ، وأبو شاكر بن ديصان صاحب كتاب الميزان في نصرة الزندقة وغيرهما ، فألقوا إلى من وثقوا به انّ لكل شيء من العبادات باطناً ، وانّ الله تعالى لم يوجب على أوليائه ومن عرف الأئمّة والأبواب صلاة ولا زكاة ولا غير ذلك ولا حرم عليهم شيئاً وأباحوا لهم نكاح الأُمّهات والأخوات ، وإنّما هذه قيود للعامة ساقطة عن الخاصة.
وكانوا يظهرون التشيّع لآل النبي ليستروا أمرهم ويستميلوا العامة ، وتفرّق أصحابهم في البلاد ، وأظهروا الزهد والعبادة يغرون الناس بذلك وهم على خلافه ، فقتل أبو الخطاب وجماعة من أصحابه بالكوفة.
إلى أن قال : ونشأ لابن ديصان ( أبو شاكر ميمون بن ديصان ) ابن يقال له عبد الله القداح علّمه الحيل وأطلعه على أسرار هذه النحلة فحذق وتقدم ، إلى أن قال : وإنّما لقب القداح لأنّه كان يعالج العيون ويقدحها ، فلمّا توفي القداح ( عبد الله ) قام بعده ابنه أحمد مقامه ، إلى آخر ما ذكر. (٢)
وإليك مواصفات الرجل حسب ما ذكره البغدادي ، وغيره من المؤرّخين فهي تختلف عمّا تعرفت عليه في الأوّل.
______________________
١. ابن النديم : الفهرست : ٢٧٨ ـ ٢٨١ ، نقله عن أبي عبد الله بن الرزام وتبرأ من صدق ما نقله وكذبه.
٢. الجزري : الكامل : ٨ / ٢٧ ـ ٢٩.