فأما مدائن الجنة ، فمكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق ، وأما مدائن النار فالقسطنطينية وطبريه وانطاكية المحترقة وصنعاء. ومع ذلك فقد زاحمت مصر دمشق على كثير من فضائلها وقداستها ، فحديث «الشام كنانتي ، ادخل فيها خيرتي» لم يسلمه لها المصريون وانتزعوا من الشام كنانته ، ورووا حديثا نبويا : «مصر كنانة الله في أرضه» وجعلوا اسم الكنانة أحد أسماء مصر وبمقابل ذلك غزاهم الدمشقيون في فسطاطهم الذي أنشأه عمرو بن العاص فرووا حديثا في أن دمشق الشام هي فسطاط المسلمين ، «ستفتح عليكم الشام فعليكم بمدينة يقال لها دمشق هي خير مدائن الشام ، وفسطاط المسلمين بأرض منها يقال لها الغوطة» وادرك الدمشقيون ثأرهم من المصريين وسلبوهم فسطاطهم كما سلبهم المصريون كنانتهم ، وغزا المصريون الدمشقين مرة ثانية وزاحموهم على الربوة التي أوى اليها المسيح وأمه مريم فلم يسلموا أن الربوة في دمشق بل جعلوها في الاسكندرية وتدخل العراقيون في هذه القضية فقالوا إن الربوة التي أوى اليها المسيح هي الكوفة والمعين هي الفرات.
ولعل ما ذكرته كاف لتصوير الاتجاهات الدينية في وضع الاحاديث وانتحالها لفضائل البلدان والاماكن كما أنه يعطينا صورة شيقة عن التنازع الاقليمي والوطني في الاقطار الاسلامية في القرون الماضية مستترا تحت ستار رقيق من الاحاديث النبوية المنحولة.
ما كان في قاسيون من المنشآت قبل الصالحية
اشتهر قاسيون اليوم بالصالحية وجبل الصالحية ، ويرجع تاريخ هذه التسمية الى عام (٥٥٤) هجرية لنزول بني قدامة المقادسة بها واشتهارهم بالصالحين.