المقدّمة
ضاق اهل مدينة دمشق ذرعا بعسف حاكمها حفيد الامير طغتكين بعد ان اصبح لا يعرف غير رفاهيته ولذته وبقائه على عرشه ، وبعد ان ضحى في سبيل ذلك بكل راحة لسكان دمشق ، واستسهل في سبيل ذلك تسليم حصن بعد حصن ، وارض بعد ارض للصليبيين برضائه وارادته ليحقق بقاءه على كرسي الحكم.
وضاقت مدينة دمشق ايضا بسكّانها فقد وصلت غارات الصليبيين الى ابوابها ودب الفزع في القرى والارباض المحيطة بها فالتجأ أهلها الى دمشق وتكاثفوا فيها فكان عدد سكانها ضعفي ما تستوعبه مدينة مثلها ، فضاقت الازقة ، واختفت الرحبات ، وبرزت الغرف على الطرقات ، ووضعت عليها الساباطات.
فكانت المدينة مع اهلها ترتقب فرجا من هذا الضيق ، ومخرجا من هذا العسر ، وانقلابا لهذا الوضع.
في منتصف القرن السادس الهجري ظهر بين بلاد الشام شاب تركي أظهر من الشجاعة والفتوة ما جعل أعين أهل دمشق ترنو نحوه ، وقلوبهم تخفق لذكره ، ومجالسهم تحفل بالحديث عن اخباره واعماله.
أنجد هذا الامير الباسل مدينة دمشق عدة مرات ، يحضر بجيشه السريع الحركة فيجول به في حوران والبقاع وغيرها من الاماكن التي