الا وذلك الامير يحيط بجيوشه مدينة دمشق ، وتنهزم جيوشها الى داخلها ، ولا يشعر اهلها الا وقد اقتحمت المدينة وحوصر اميرها في قصره ، واخذ بعض كبار رجالاتها يترددون في السفارة بين الامير القديم المخذول ، وبين الامير الجديد المنصور ، وتنتهي تلك السفارة بانسحاب الامير القديم باهله وماله من دمشق ليقيم في حمص فيقيم فيها مدة قصيرة يشتغل فيها باثارة اهل دمشق ، فيوعز اليه بالخروج من حمص فيخرج منها الى بغداد يسكن بها في دار قريبة من المدرسة النظامية.
* * *
وبهذا تخلصت دمشق من آخر أمير طغتكيني وهو «مجير الدين أبق بن بوري» واستقبلت اميرا آخر كان طليعة ومقدمة لدولة قوية تشمل البلاد الشامية والمصرية وهو السلطان «محمود بن زنكي الشهير بنور الدين الشهيد».
اخذت دمشق كأهلها تتنفس الصعداء منذ حلها الامير الجديد (السلطان نور الدين سنة ٥٤٩) فقد توطد الامن فيما حولها من البلاد ، وانفرج اهلها من ضيق المدن واكتظاظها بالسكان وكان ان رجعت دمشق تؤسس خارج سورها ارباضا واحياء جديدة مكان الاحياء المندثرة ، فتأسس حي العقيبة مكان «الاوزاع» ورجعت بيت لهيا وسطرا العرب ومقرى والنيرب والربوة (١) ثم تأسست الصالحية التي يحق لنا ان نسميها «دمشق الجديدة».
* * *
في سنة (٥٥١) للهجرة وصلت اول قافلة من لاجئي فلسطين لدمشق يرأسها كبير قرية جماعيل وفقيهها الشيخ احمد بن قدامة
__________________
(١) راجع موضعها في مخطط الصالحية.