على الحدود الصليبية فيلقي الذعر في الصليبيين ويقطع عليهم اطماعهم ويوطد الأمن والسلام لدمشق فتتمكن القوافل من السير حيث تريد ، ويقوم الفلاحون بشؤون زراعتهم وجني ثمرها ، فتشعر دمشق بالرخاء يزداد فيها حينا بعد حين.
وزاد في حب اهل دمشق لهذا الامير انه جدد لهم عهد الفتوة والمروءة والكرم فبعد ان يقطع مسافة (٣٠٥) كيلو مترات من حلب عاصمة ملكه الى دمشق ثم يجول ويصول على الحدود الصليبية ويرجع ظافرا فخورا رافع الرأس يمر على مقربة من دمشق يحييها من بعيد بقلبه وجوارحه ، فتحييه بمثل تحيته او احسن ، ثم يمر متجها نحو عاصمته حلب من غير ان يطلب على عمله جزاءا ولا شكورا ولا مالا ولا ضيافة ولا تعويضا.
كان يجري ذلك في السنة عدة مرات وامير دمشق سادر لاه ، يضيق صدره كلما ذكر هذا الامير ، لا هم له الا جمع فتيان دمشق وزعرانها يتخذ منهم بطانة وقوة لقهر بقية اهل دمشق ، ولمدافعة الامير الجديد الذي اخذ يزاحمه على حب دمشق.
ويزداد الخطر على دمشق فقد اخذ اميرها يفاوض الصليبيين ليحموه من ذلك الامير الجديد ، واخذ يقدم لهم بعض الاراضي السورية في مقابلة معاونتهم له لبقائه على عرش دمشق ، بل بلغ من ضعف تفكيره انه جعل للفرنج على دمشق قطيعة من المال كل سنة ، فيأتي عاملهم كل عام يجبيها من اهلها (١) وتشمئز نفوس اهل دمشق من هذه الحركة البغيضة فيكاتبون ذلك الامير ويبينون له مبلغ الخطر ثم لا يشعر الناس
__________________
(١) الروضتين ١ / ٩٥