والجواسق العلية ، والبرك العميقة ، والبحيرات الممتدة ، والحور الممشوق القد ، والرياحين المتأرجة الطيب ، والفواكه الجنية ، والثمرات الشهية ، والاشياء البديعة التي تغني شهرتها عن الوصف ويقوم الايجاز فيها مقام الاطناب (١).
ومن الظاهر ان القلقشندي يساوي بينها وبين دمشق في الوصف وخطارة الشأن. وان المرء ليعجب حين تغدو الصالحية مدينة عظيمة في نحو ثلث قرن. وهذا يرجع الى امرين :
اولا ـ رقي الجماعة المهاجرة.
ثانيا ـ رقي الحكومة التي كانت في ذلك العصر.
فقد شاهدنا في عصرنا هذا عدة هجرات الى دمشق لم تؤثر فيها اي اثر يستحق الذكر. فكانت هجرة الاكراد ثم الكريديين الى الصالحية. والالبان والشركس والارمن والحجازيين اهل المدينة الى دمشق وكل هؤلاء لم يؤثروا اي اثر في تاريخ دمشق او عمرانها او حياتها الاجتماعية.
اما بنو قدامه فقد كان لهجرتهم الى دمشق اثر مدني عظيم. اسسوا مدينة كبيرة الى جانب مدينة دمشق ما تزال تحتفظ باسم مؤسسيها الصالحين «الصالحية».
ثم نشروا مذهب الامام احمد بن حنبل وكان اتباعه قلة في الشام فانتشرت مدارس هذا المذهب لا في الصالحية فقط بل في مدينة دمشق ، وركزوا لهم محرابا رسميا في مسجدها الاعظم وكثر اتباع هذا المذهب
__________________
(١) صبح الاعشى ٤ / ٩٤.