فرشه بالبلاط الملون ، وكان في هيكله صورة عجيبة دقيقة المعاني ، وقلاليه دائرة به ، وأشجار متراكمة ، وملؤه يتدفق وقال ياقوت انه على تل مشرف على مزارع الزعفران ورياض حسنة. ولا شك بأن مزارع الزعفران التي ذكرها ياقوت هي المعنية بقول البدري بأن في ديل الجبل الغربي في الربوة دف الزعفران. وللزعفران أثر كبير في حياة الاديرة قديما فقد كان يزرع في حدائقها وبساتينها ثم يباع وينفق ثمنه في مصالح الدير ولا نعلم الوقت الذي اندثر فيه هذا الدير ولعل ذلك كان في أواخر القرن الخامس الهجري زمن الحكومة الاتابكية حينما عجزت عن تقرير الامن في البلاد بسبب الحروب الصليبية فانتشرت اللصوص تعيث فسادا في الامكنة المتطرفة فهجر هذا الدير لذلك وتتابع خرابه.
وقد سكن العرب هذه الجهة منذ الفتح الاسلامي ، وذكر ابن جرير الطبري في تاريخه حينما خلع الوليد بن يزيد ان حميد بن حبيب اللخمي اقبل الى دمشق باهل دير مران والارزة وسطرا فبايع يزيد بن الوليد وكانت هذه المحلة من متنزهات بني أمية ، ورد في تاريخ ابن عساكر ان عبد الملك بن مروان كان يحدث جماعة من اصحابه على سطح بدير مران. وفي الاغاني ان جريرا الشاعر قدم على عبد العزيز ابن الوليد بن عبد الملك وهو نازل في دير مران فكان اصحاب جرير يفدون اليه صباحا يسامرونه ، وكان جرير يختم مجلسه بالتسبيح فيطيل. فقال له رجل : ما يغني عنك هذا التسبيح مع قذفك للمحصنات؟ فتبسم وقال يابن أخي (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم) انهم والله يابن أخي يبدؤونني ثم لا أحلم ، ومن الراجح ان يكون للامويين بعض القصور في تلك الجهة. أما في العصر العباسي ، فالظاهر أن دار الامارة انتقلت من دمشق الى دير