فاطمية ، تشكل خطرا على المملكة الصليبية حتى سنة ١١٥٣ م ، وعندما سقطت أصبح الساحل بأكمله تحت سيطرة الصليبيين. وخلال أكثر من خمسين عاما ، ظلت المناوشات مستمرة بين الفاطميين ومملكة أورشليم اللاتينية.
لكن الصراع بشأن السلطة في القاهرة ، من جهة ، والعداء بين الفاطميين الشيعة في مصر ، والسلاجقة السنّة في دمشق ، من جهة أخرى ، قد حالا دون تعاون الطرفين على القضاء على المملكة الصليبية ، الأمر الذي يبدو أنه كان ممكنا في حينه ، أخذا في الاعتبار موازين القوى. ومع ذلك ، استمر الفاطميون ، من قاعدتهم في عسقلان ، في مهاجمة أراضي المملكة الصليبية. وبدا أحيانا أن الفاطميين كانوا قريبين جدا من تحقيق نصر حاسم ، وخصوصا أن قوات المملكة كانت صغيرة ، إذ يقدر عددها ب ٣٠٠ فارس و ١٢٠٠ جندي مشاة. لقد هاجم الفاطميون مدينة الخليل سنة ١١٠٧ م والقدس في سنتي ١١١٠ و ١١١٣ م. وقاموا بغارات وإنزالات بحرية على يافا في السنوات ١١٠٣ و ١١٠٦ و ١١١٥ و ١١٢٣ م. وكذلك فعلوا في صيدا وبيروت في السنوات ١١٠٨ و ١١٢٦ و ١١٥٠ و ١١٥٩ م. وفي إحدى الحملات على القدس دمروا حصن بيت نوبا الاستراتيجي على الطريق من الرملة إليها ، وفي مرة أخرى دمروا البيرة (١١٢٤ م) على الطريق بين القدس ونابلس.
وطالما ظلت عسقلان في أيدي الفاطميين ، ظل خطرها على مملكة أورشليم اللاتينية ماثلا. ولذلك حاول الصليبيون مرارا احتلالها ، واجتثاث هذا الخطر ، ولكن من دون جدوى. ومع أنهم دخلوها لمدة عام (١١١٠ ـ ١١١١ م) ، إذ سلمها لهم قائد الحامية الفاطمية ، إلّا إن السكان ثاروا عليهم وطردوهم ، وأعادوا تحصين المدينة. وعلى الرغم من تراجع التهديد الفاطمي بعد معركة يبنى في أيار / مايو ١١٢٣ م ، فإن المناوشات ظلت مستمرة. ولجأ الصليبيون إلى إقامة عدد من الحصون الدفاعية لصد الهجمات الفاطمية. فأعادوا ترميم قلعة بيت نوبا (أرنول) ، بين اللطرون والقدس (١١٣٢ م) وبنوا قلعة بيت جبرين (جبلين) ، على الطريق إلى الخليل (١١٣٧ م) ، وقلعة يبنى (يبلن) على الطريق إلى يافا والرملة (١١٤٤ م). كما بنوا قلعة تل الصافي (بلانشغارد) على الطريق إلى القدس (١١٤٤ م). وفي سنة ١١٥٠ م أقاموا قلعة في غزة ، وأخرى في دير البلح (دارون) ، فقطعوا طريق عسقلان البري إلى مصر ، وضيقوا الخناق على القاعدة الفاطمية ، إلى أن سقطت سنة ١١٥٣ م.
وبعد تأسيس مملكتهم في القدس ، راح الصليبيون يوسعون أراضيها في الاتجاهات جميعها ، سواء لأسباب دفاعية أو عدوانية. فاتجهوا إلى الجولان والحوران ، حيث اصطدموا مع حكام دمشق ، وتوصلوا معهم إلى اتفاق على