الناصر في الكرك. لكن إسماعيل عاد وثار على أيوب ، متحالفا هذه المرة مع الخوارزمية ، الذين أنزلهم أيوب بلاد الشام ، فاحتلوا أرض الفرنجة المتروكة. فقاتلهم أيوب وهزمهم ، وهرب من أفلت من الخوارزمية والتحق بالمغول ، ثمّ تحوّل أيوب إلى قتال الفرنجة ، فأخذ طبرية وجبل الطور وقلعة شقيف. وبعدها حاصر عسقلان ، ففتحها ودمر أسوارها. وبذلك انحسرت مملكة عكا (سان جان داكر) إلى حدود يافا مرة أخرى. ثم دخل القدس ، فأعاد بناء أسوارها. وانتقل إلى دمشق في ربيع سنة ١٢٤٩ م ، وتوافد عليه الأمراء لتقديم الولاء. وبدا أن الدولة الأيوبية تنهض ثانية. وعندها وافاه فريدريك الثاني بأنباء الحملة الصليبية السابعة ، حملة لويس التاسع ، ملك فرنسا ، (١٢٤٨ ـ ١٢٥٤ م).
وكان لويس التاسع يعد لحملة منذ سنة ١٢٤٧ م لنذر أخذه على نفسه. وخرج سنة ١٢٤٨ م ، وأمضى فصل الشتاء في قبرص ، وفي ربيع سنة ١٢٤٩ م ، توجه إلى مصر. وكانت حملته تحمل طابعا فرنسيا صرفا ، لم تشارك فيها أية قوة أوروبية أخرى ، كما أن الكنيسة كانت بعيدة عنها ، نظرا إلى ضعفها بصورة عامة إزاء الملوك في هذه المرحلة. وكان أيوب قد بلغه الخبر في دمشق ، وقد ألمّ به المرض ، فسارع إلى القاهرة. وإذ كان اتصال أيوب بفريدريك ، من دون جدوى ، فإن لويس أجرى اتصالا مع المغول ، لم يتمخض عن نتائج تذكر. وعلاوة على ذلك ، كانت التنظيمات الصليبية المتعددة ـ فرسان الهيكل والإسبتارية والتيوتون ـ تتصارع بين بعضها البعض. وكذلك مدن إيطاليا ـ فينيسيا وبيزا وجنوة ـ تندلع بينها حرب تجارية ، وصلت حد الاشتباك المسلح ، وخصوصا بين بيزا وجنوة. وكانت المدينة الأقوى ـ فينيسيا ـ لا تنظر بعين الرضى إلى حملة لويس على مصر ، نظرا إلى علاقاتها التجارية القوية معها. في المقابل كان بلاط أيوب يشهد ذروة التآمر بين حاشيته وأعوانه وأمراء جيشه ، إذ أدت زوجته شجرة الدر دورا مركزيا.
وكان احتلال دمياط سهلا على لويس ، فدخلها من دون خسائر كبيرة في ٥ حزيران / يونيو ١٢٤٩ م ، واتخذها مقرا له. في المقابل ، خرج أيوب إلى المنصورة وعسكر فيها. فسار إليه لويس بعد انحسار مياه النيل. وما لبث أيوب أن مات ، وقتل قائد جيشه ، فخر الدين (ابن شيخ الشيوخ) في المعركة ، وتولى مكانه المملوك بيبرس (البندقداري). وراحت كفة القتال تميل لمصلحة المماليك ، فطلب لويس الصلح ، ومبادلة القدس بدمياط. ورفض طورانشاه ، ابن أيوب العرض. وانسحب لويس إلى دمياط ، فكمن له المماليك وأوقعوا به ، وأخذوه مع جيشه أسيرا في ٥ نيسان / أبريل ١٢٥٠ م. ثم قتل المماليك طورانشاه ، ونصّبوا أبرزهم ، أيبك سلطانا ، وزوّجوه شجرة