القلاقل ضد حكم محمد علي في بلاد الشام ، وخصوصا في فلسطين ، وإلى تحريض السلطان على محاربته في بلاد الشام وطرده منها.
وفي الواقع ، فإن بريطانيا شجعت الزعماء المحليين في بلاد الشام ـ الساحل السوري والحوران ونابلس والخليل ـ على التمرد ضد حكم إبراهيم باشا. وقد استغلت زيادة الضرائب والتجنيد الإلزامي وأعمال السخرة ونزع السلاح من أيدي الناس ، كوسائل للتحريض على الحكم المصري. ومنذ سنة ١٨٣٤ م ، بدأت الاضطرابات كردة فعل على الترتيبات الجديدة ، حيث فرضت «ضريبة الرأس» (الفردة) على الذكور جميعهم من سن ١٤ فما فوق. وكذلك ، وأسوة بما فعل محمد علي في مصر ـ تجنيد أبناء البلد في الجيش بدلا من المماليك ـ عمل إبراهيم باشا إلى إصدار الأمر بالتجنيد الإلزامي ، بنسبة ١٠% من عدد دافعي ضريبة «الفردة» ، وشرع بتطبيقه. كما استثار إبراهيم الزعماء المحليين بمنعهم من جباية الأتاوات ـ الضريبة التي كان يفرضها أبو غوش على المسافرين بين يافا والقدس ، مثلا. وعلاوة على ذلك أمر بجمع السلاح من أيدي السكان لحرمانهم من القدرة على مقاومة إجراءات السلطة بالقوة ، الأمر الذي تسبب بردة فعل عنيفة.
واندلعت الثورة أولا في منطقة القدس في أيار / مايو ١٨٣٤ م ، ومنها امتدت إلى نابلس والخليل ، ولاحقا إلى صفد. وحاصر الثوار الحامية المصرية في القدس داخل القلعة ، أمّا في الخليل فقتلوا أفرادها. وكان ذلك في إثر مغادرة إبراهيم باشا منطقة القدس إلى يافا ، فعاد ومعه قوات عسكرية معزّزة ، واشتبك مع الثوار في عدد من المعارك التكتيكية ، وهزمهم ، فخرجوا إلى الجبال وأداروا معه حرب عصابات ، هددته بقطع طرق مواصلاته ومحاصرته. وبوساطة رؤساء الأديرة ، تصالح إبراهيم باشا مع الثوار ، بعد أن ألغى القرارات التي أدّت إلى التمرد عليه. وغادر إبراهيم باشا القدس متوجها إلى يافا ، وفي الطريق هاجمه الشيخ مصطفى أبو غوش ، وألحق بجيشه الخسائر. وفي هذه الأثناء ، وصل إلى يافا ، جيش مصري كبير ، على رأسه محمد علي بنفسه. فعاد به إبراهيم إلى منطقة القدس ونابلس ، وهزم الثوار ، وأحرق عددا من القرى ، وطارد زعماء الثورة وقتلهم. ومن فلسطين توجه إبراهيم إلى سورية لإخماد ثورات مثيلة في الحوران وجبل الدروز (العرب) وجبال العلويين (النصيرية) في الشمال الغربي.
وعملت بريطانيا على إشعال الحرب مرة ثانية بين السلطنة ومحمد علي. وكان السلطان محمود الثاني ، بمساعدة خبراء غربيين ، منهم هلموت فون مولتكه ، الذي اشتهر لاحقا في الحرب الألمانية ـ الفرنسية (١٨٧٠ م) ، قد أعاد بناء الجيش العثماني