المنطقة ، إلى إعلان استقلال سورية بحدودها الطبيعية ، لتشمل فلسطين ، وبالتالي رفض المشروع الصهيوني ، ونودي بفيصل ملكا عليها. وسارت تظاهرات في فلسطين تأييدا للإعلان. ولذلك ، سارعت الدول الأوروبية إلى توقيع معاهدة سيفر (٢٠ نيسان / أبريل ١٩٢٠ م) ، وبعدها سان ريمو (٢٥ نيسان / أبريل ١٩٢٠ م) ، اللتين فرضتا الانتداب على بلاد الشام. وتحركت فرنسا لاحتلال سورية ، وبعد معركة ميسلون (٢٤ تموز / يوليو ١٩٢٠ م) ، التي قتل فيها وزير الدفاع ، يوسف العظمة ، سقطت الحكومة العربية في دمشق ، وغادرها فيصل. في المقابل ، أوفدت بريطانيا هربرت سامويل مندوبا ساميا على فلسطين ، ليحل محل الإدارة العسكرية هناك (تموز / يوليو ١٩٢٠ م).
نتيجة هذه المستجدات ـ انهيار الحكومة العربية في دمشق ، وترسيم الحدود بين الانتدابين (البريطاني والفرنسي) في بلاد الشام ـ عزلت الحركة الوطنية الفلسطينية عمليا عن الحركة القومية الأم في سورية. فبدأت مرحلة جديدة من العمل الوطني الفلسطيني ، سمته العامة قطرية ، حيث تمحور حول الانتداب البريطاني والمشروع الصهيوني. وإذ أدركت قيادات هذا العمل عدم قدرتها على التصدي للانتداب والحؤول دون تجسيده على أرض الواقع ، فقد تحولت إلى استنكار الإجراءات التي تتم في ظله وبرعايته دعما للمشروع الصهيوني ، والنضال لتغييرها أو لعرقلتها. وعقد المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث (١٣ ـ ١٩ كانون الأول / ديسمبر ١٩٢٠ م) في حيفا ، برئاسة موسى كاظم الحسيني ، ليضع أسس العمل الفلسطيني في المرحلة الجديدة. وكان هذا المؤتمر الأول في سلسلة مؤتمرات دورية ، بلغ عددها سبعة ، وتوقفت سنة ١٩٢٨ م. وكان ينبثق من كل مؤتمر لجنة تنفيذية ، تكون الناطقة باسم عرب فلسطين ، وتتولى الإشراف على تنفيذ القرارات المتخذة في المؤتمرات ، وتقود الحركة الوطنية وتوجهها.
وفي ديباجة قراراته ، عمد المؤتمر الثالث إلى تذكير الحكومة البريطانية بالعهد الذي قطعته للشريف حسين ، كما أشار إلى مجمل التصريحات التي رافقت مؤتمر السلام بشأن تقرير المصير للشعوب. ونوه بمآخذ الشعب الفلسطيني على إجراءات الإدارة البريطانية الجديدة ، خلافا لرغبات السكان العرب. واستنكر الإجراءات والترتيبات التالية :
أ ـ اتخاذها صلاحية سن القوانين لنفسها أي بدون مجلس تشريعي نيابي منتخب وقبل صدور قرار جمعية الأمم النهائي.
ب ـ اعترافها بالجمعية الصهيونية كهيئة رسمية.