ج ـ شروعها بتنفيذ المآرب الصهيونية بإدخالها المهاجرين الصهيونيين واستعمالها العبرانية لغة رسمية وسكوتها على وجود راية صهيونية.
د ـ تأليفها مجلسا استشاريا عينته تعيينا لتوهم أن في فلسطين مجلسا تشريعيا يمثل الأهالي.
ه ـ وجود زعماء صهيونيين في أعلى مراكزها مع أن فلسطين هذه هي البلاد المقدسة للعالمين النصراني والإسلامي ولا يجوز وصول أمرها إلى أيد غير إسلامية ونصرانية. (١)
ومع أن المؤتمر الثالث أكد على استنكار وعد بلفور ، وشجب سياسة الانتداب في فتح أبواب فلسطين أمام الهجرة اليهودية المكثفة ، فإن مطلبه الرئيسي كان إقامة حكومة تمثيلية ، وطنية ومستقلة ، مسؤولة أمام مجلس نيابي ، يكون أعضاؤه منتخبين من قبل الشعب المتكلم باللغة العربية ، القاطن في فلسطين حتى أول الحرب. وفي هذا المؤتمر ، سواء لناحية الشكل أو المضمون ، يتضح أثر سقوط الحكم العربي في دمشق على الحركة الوطنية الفلسطينية ، وهو إذ حشد ممثلين عن الجمعيات والنوادي والشخصيات والمثقفين ، وكان معبرا عن قطاعات الشعب الفلسطيني بصورة عامة ، فإنه اتخذ طابعا قطريا صرفا. وإزاء إجراءات حكومة الانتداب ، وخصوصا تشكيل المجلس الاستشاري الذي بادر إليه المندوب السامي الأول ، هربرت سامويل ، فقد شغلت الحركة الوطنية الفلسطينية بقضايا قطرية ، ومن موقع ردة الفعل على المستجدات المتسارعة. وبذلك ، حققت الصهيونية ، ومنذ البداية ، أحد أهم أهداف مشروعها ـ تفتيت حركة التحرر العربية ، وتحديد مساراتها السياسية.
وفي أجواء من الاحتقان الشعبي ، تحول موكب الاحتفال بموسم النبي موسى في القدس ، والذي تواكب مع عيد الفصح لدى المسيحيين واليهود (٤ نيسان / أبريل ١٩٢٠ م) ، إلى تظاهرة وطنية للإعراب عن السخط والاحتجاج ضد الصهيونية والإدارة البريطانية. وخطب في الحشد الكبير موسى كاظم الحسيني ، رئيس البلدية ، وكذلك الحاج أمين الحسيني وعارف العارف ، محرضين على السياسة البريطانية الرامية إلى تهويد فلسطين. وتوترت الأوضاع بعد تحرش العصابات الصهيونية التي نظمها زئيف جابوتنسكي بالمتظاهرين ، واندلع الاشتباك بعد أن أطلق أفراد تلك العصابات النار عليهم. وتدخلت القوات البريطانية لقمع الاشتباكات ، فاصطدمت بمقاومة عنيفة ، استمرت في شكل متفرق عدة أيام ، وأسفرت عن مقتل ٥ يهود و ٤ عرب وجرح ٢١١ يهوديا و ٢٣ عربيا و ٧ جنود بريطانيين. وتشكلت لجنة تحقيق (لجنة بالين) ،
__________________
(١٢) المصدر نفسه ، ص ٢١٧.