لدى تشكيل الوكالة اليهودية في المؤتمر الصهيوني السادس عشر الذي عقد في زوريخ في ١٤ آب / أغسطس ١٩٢٩ م ، حدد الدستور مهماتها كالتالي : ١) تشجيع الهجرة اليهودية وتعزيزها ؛ ٢) تلبية الحاجات الدينية اليهودية ؛ ٣) تطوير اللغة العبرية وتنمية الثقافة اليهودية ؛ ٤) امتلاك الأراضي لتوسيع رقعة الاستيطان اليهودي ؛ ٥) رفع مستوى الاستيطان الزراعي. وإضافة إلى ذلك ، اهتمت الوكالة بتشكيل عصابات مسلحة ، بذريعة الدفاع عن المستوطنين وممتلكاتهم. ويتضح من ذلك أن المهمة المركزية للوكالة اليهودية هي تهويد فلسطين ، عبر تهجير اليهود إليها وتوطينهم فيها. ولهذا الغرض عمدت إلى بناء المؤسسات التي تقوم بذلك عمليا. وفي دستور الوكالة يرد صراحة أن الأرض التي يتم وضع اليد عليها ، تصبح خاصة «الشعب اليهودي» ، وملكيتها تسجل باسم الصندوق القومي اليهودي ، بهدف جعلها ملكا غير قابل للتصرف لذلك الشعب. وفي الدستور أيضا ، أن الوكالة اليهودية ستنشّط الاستيطان الزراعي القائم على العمل العبري. وفي كل الأعمال التي تقوم بها الوكالة ، يعتبر توظيف اليهود مسألة مبدئية. ومن أهم أدوات الوكالة على هذا الصعيد كان الصندوق القومي اليهودي (هكيرن هكييمت) لتهويد الأرض ، ونقابة العمال اليهود (الهستدروت) لتهويد الاقتصاد والعمل.
ومنذ أن تأسست سنة ١٩٢٠ م ، وإلى أن تحولت إلى «دولة إسرائيل» (١٩٤٨ م) ظلت الوكالة اليهودية في فلسطين تطور مؤسساتها وتوسع نشاطها ، لتغطي بأجهزتها جميع المهمات المطلوبة منها ، وتصبح حكومة كاملة فعلا. ومع نهاية الانتداب ، أعلنت السيادة على الأراضي التي وقعت في أيديها ، سواء تلك التي سلمتها لها حكومة الانتداب ، أو التي احتلتها الهاغاناه بالقوة. وفي فلسطين ، كانت للوكالة الدوائر التالية : المالية والسياسية والأمانة العامة والاقتصادية والهجرة والاستيطان والعمل والدائرة الفنية والإسكان والبحر وصيد الأسماك والتجارة والصناعة والحرفيين والتجار الصغار والأنباء والصحافة والإحصاء والأرشيف والتموين والنقل والمواصلات. ولها أقسام متخصصة ، مثل استيعاب المهاجرين والبحث عن الأقارب وهجرة الشباب وتوطين الطبقة الوسطى والمحطة الزراعية للتجارب ومعهد البحوث الاقتصادية وتوطين اليهود الألمان وتوطين الجنود المسرحين ، وغيرها. هذا طبعا إلى جانب المؤسسات الكبيرة التي أقرّ إنشاؤها في المؤتمرات الصهيونية ، والتي كانت الوكالة اليهودية الموسعة تشرف على أعمالها. وفي مؤتمر لندن تقرر أيضا إنشاء الصندوق التأسيسي لفلسطين (كيرن هيسود) ، ليكون الذراع المالية للمنظمة الصهيونية في مشروعها الاستيطاني بعد صدور وعد