وبينما لم تحظر الملكية الخاصة على الأرض ، فإنه لم يجر تشجيعها عبر موارد المنظمة الصهيونية العالمية. كما أقرّ إمكان تجديد عقد إيجار الأرض لمدة ٤٩ سنة أخرى ، وهو قابل للتوارث ، شرط عدم تقسيم الأرض بين الورثة ، وشرط الإقامة على الأرض ، وفلاحتها بالطاقة البشرية الذاتية ، من دون عمل مأجور. كما تقرر أن يدفع المستأجر ضريبة ٢% من قيمة الأرض سنويا ، إذا كانت زراعية ، و ٤% إذا كانت في المناطق السكنية (المدن).
وفي الواقع ، فإن انعقاد مؤتمر لندن في تموز / يوليو ١٩٢٠ م تواكب مع استبدال الإدارة العسكرية في فلسطين بأخرى مدنية. وفي أيلول / سبتمبر من تلك السنة ، صدر «قانون نقل ملكية الأراضي» ، وفي تشرين الأول / أكتوبر اللاحق ، فتحت دائرة تسجيل الأراضي التي كانت مغلقة منذ الاحتلال البريطاني (١٩١٧ م). كما اعترفت حكومة الانتداب بالصندوق القومي اليهودي على أنه «مؤسسة ذات أهداف تخدم المصلحة العامة» ، وتم تسجيله كشركة مخولة للعمل على شراء وتطوير الأراضي في فلسطين. وهكذا راحت ممتلكات الصندوق تتوسع من ٣٦٣ ، ٢٢ دونما في نهاية سنة ١٩٢٠ م ، إلى ٦٢٧ ، ٢٧٨ دونما في سنة ١٩٣٠ م إلى ٩٥٠ ، ٥١٥ دونما في سنة ١٩٤٠ م ، وإلى ٠٠٠ ، ٩٣٦ دونم في أيار / مايو ١٩٤٨. وبذلك كان الصندوق يملك لدى قيام إسرائيل ٥٥ ، ٣% من مجموع مساحة فلسطين البالغة ٠٢٣ ، ٣٢٣ ، ٢٦ دونما ، و ٥٤% من مجموع الأراضي التي يملكها اليهود ، والبالغة مساحتها ٠٠٠ ، ٧٣٤ ، ١ دونم ، والتي تعادل ٥٩ ، ٦% من مجموع أراضي فلسطين.
ومن أهم المؤسسات الاستيطانية التي شكلت بعد مؤتمر لندن كانت النقابة العامة للعمال اليهود في أرض ـ إسرائيل (ههستدروت هكلاليت شل هعوفديم هعفريم بإيرتس ـ يسرائيل). وقد جاء تأسيس الهستدروت (كانون الأول / ديسمبر ١٩٢٠ م) ليحدث نقلة نوعية في تطوير النقابات العمالية والمهنية التي سبقت ذلك ، والتي بدأت في أثناء الهجرة الثانية (١٩٠٤ ـ ١٩١٨ م). وقرار تشكيل الهستدروت توخى أن تكون هذه المؤسسة إحدى ركائز المشروع الصهيوني في فلسطين ، بأهدافه الرامية إلى تهويدها ، وبما ينسجم مع المرحلة الجديدة من العمل الصهيوني. فالهستدروت بالذات كانت ترمي إلى استكمال عمل المؤسسات الاستيطانية الأخرى. وإذا كانت الوكالة اليهودية تعمل على تهويد السكان في فلسطين ، عبر تهجير اليهود إليها ، وتولي إدارة شؤون حياتهم فيها ، والصندوق القومي يعمل على تهويد الأرض ، فالهستدروت هي ركيزة تهويد العمل والسوق ، وبالتالي الاقتصاد ، تحت شعار «العمل العبري» ، الذي رفعه المستوطنون ، والذي يعني في الواقع مقاطعة العمل العربي ، والسيطرة على