من المؤسسات والهيئات والعلاقات السرية ، ولجأ إلى أشكال متعددة من النشاطات الاستخبارية والإرهابية والتخريبية التي تخدم أهدافه ، بما في ذلك ضد الجاليات اليهودية ذاتها.
وعدا ما تقدم من مؤسسات استيطانية رئيسية ، فقد تأسست في لندن (١٩٢٠ م) منظمة النساء الصهيونية العالمية (ويتسو) ، لتخدم أغراض الصهيونية على الصعيد النسائي. ووجهت المنظمة اهتمامها لشؤون العناية بالمرأة والطفل والتدريب المهني والزراعي ، وإقامة النوادي ومراكز الترفيه للشباب. وتبرز كذلك هداسا ، منظمة النساء الصهيونيات في الولايات المتحدة. وكانت قد تأسست سنة ١٩١٢ م ، وقدمت خدمات طبية ، ومراكز إرشاد للأمهات وغير ذلك. وفي الولايات المتحدة أيضا ، تأسس (١٩٢٧ م) النداء اليهودي الموحّد ، الذي اندمج (١٩٣٩ م) مع لجنة التوزيع المشتركة اليهودية الأميركية ، وعملا على جمع التبرعات وجباية الأموال لمصلحة المشروع الصهيوني على الساحة الأميركية. وفي سنة ١٩٣٩ م ، جرى تشكيل المؤتمر اليهودي العالمي في جنيف ، وحل محل لجنة الوفود اليهودية ، التي تشكلت (١٩١٩ م) لتمثيل اليهود في مؤتمر السلام بباريس. وهذا المؤتمر يطرح نفسه ممثلا لليهود في جميع أنحاء العالم. وقد ترأسه الحاخام الصهيوني الأميركي ستيفن وايز ، وخلفه بعد موته (١٩٤٩ م) ناحوم غولدمان ، الذي جمع بين رئاسة المؤتمر اليهودي العالمي والمنظمة الصهيونية العالمية بعد قيام إسرائيل.
ويبرز نشاط المنظمة الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولى وعي قادتها لطبيعة المشروع الاستيطاني الذي أزمعوا على إقامته في فلسطين. وانطلاقا من كونه مشروعا مشتركا مع إحدى القوى الإمبريالية أو أكثر ، تحركوا بعد الحرب لتأمين هذا الشق من المشروع. وقد حققوا ذلك عبر تكريس وعد بلفور على الصعيد الدولي ، ومن ثمّ وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، ليشكل حاضنة للمشروع الاستيطاني ، بدعم أميركي قوي ، وتأييد دولي واسع النطاق. وبذلك توفرت الشروط اللازمة للشق الإمبريالي من المشروع المشترك ، وبنيت الركيزة الأساسية في أمنه الاستراتيجي ـ العلاقة مع المركز الإمبريالي البريطاني. إلّا إن المنظمة الصهيونية لم تحقق في المقابل نجاحا موازيا على صعيد الشق اليهودي .. فإنشاء «الوطن القومي اليهودي» في فلسطين ، كان يتطلب تهويدها ، وهذا غير ممكن من دون اليهود ، الذين لم يهرعوا بأعداد كبيرة للهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها ، بحجم يجعل المشروع الصهيوني ظاهرة قابلة للحياة بقواها الذاتية. فعلى هذا الصعيد ـ تهويد فلسطين ، كما تصورته الصهيونية ـ كان طموحها أكبر بكثير من قدرتها على الأداء.