أن جناح وايزمن السائد في المنظمة الصهيونية ، لم يكن يرغب في الصدام مع سلطات الانتداب ، وأغلبية المستوطنين أرادت ترك مسألة الأمن في يد سلطات الانتداب ، لعدم ثقتها بمنظمة الهاغاناه.
لكن سرّية الهاغاناه كانت شكلية فقط ، إذ كانت السلطات البريطانية تعلم بوجودها ، وتغض النظر عن نشاطها ، بل اعتمدت عليها أحيانا في حفظ الأمن وزودتها بالأسلحة والمدربين. وبعد قرار مؤتمر حزب أحدوت هعفودا (١٩٢٠ م) ، بتشكيل وحدات دفاعية محلية ، جاءت أحداث يافا في أيار / مايو ١٩٢١ م لتدفع الهستدروت إلى توسيع إطار الهاغاناه ، وتعيين لجنة إقليمية على رأسها باسم «مركز الدفاع». وكانت الشخصيتان المركزيتان في قيادة الهاغاناه هما : راحيل ينئيت (بن ـ تسفي لاحقا) ، وإلياهو غولومب. كما ضمت القيادة ممثلين عن الأوساط المدنية في المستعمرات ، إذ أصبحت تمثل الأحزاب الصهيونية والحركات الاستيطانية المتعددة. وعملت الهاغاناه على الحصول على السلاح بصور متعددة ، بما فيها تهريبه وفي التدريب على استعماله وتمويل فعالياتها. وحتى سنة ١٩٢٩ م ، ظل تنظيم الهاغاناه يقوم أصلا على أساس وحدات محلية ، يقف على رأسها قادة محليون ، وأعضاؤها على العموم ليسوا متفرغين للعمل العسكري ، وينتمون إليها بصورة تطوعية ، إلّا في فترات احتدام الصراع واندلاع العنف.
وفي سنة ١٩٣٧ م تشكلت «لجنة الهجرة غير الشرعية» (هموساد لعلياه بيت) ، في اجتماع عقده قادة الهستدروت والهاغاناه في تل أبيب ، وعرفت بالاسم المختصر (هموساد) ، لتتولى أمر تنظيم عمليات الهجرة غير المشروعة. وكان التبرير لإقامة الموساد هو السياسة النازية إزاء اليهود في أوروبا ، والضغط الاقتصادي والسياسي الذي يتعرض له هؤلاء في بولونيا ورومانيا ، والقيود الشديدة التي فرضتها حكومة الولايات المتحدة على هجرة اليهود إليها ، وذلك بالتنسيق السري مع المنظمة الصهيونية لتوجيههم نحو فلسطين. وقد اتخذ الموساد مقرّه في باريس ، نظرا إلى ملاءمة العاصمة الفرنسية كمركز لعملياته في أوروبا. وانتشر عملاؤه في العواصم الأوروبية ، وأداروا منها نشاطا سرّيا محكما ، بالتعاون أحيانا مع أجهزة الاستخبارات فيها ، بمن في ذلك جهاز الاستخبارات النازي «الغستابو». ولم يتورع الموساد عن استعمال شتى الوسائل لتهجير يهود أوروبا إلى فلسطين. وعشية الحرب العالمية الثانية ، وفي أثنائها وبعدها ، نشط الموساد في عمله ، الذي طال الأقطار العربية لتهجير يهودها إلى فلسطين. والموساد في النتيجة منظمة لخرق قانون الهجرة الفلسطيني ، وإدخال المهاجرين اليهود إلى البلد عنوة ، أو خلسة ، وبالتالي فقد أقام شبكة واسعة