التفتيش الاستفزازية بما يواكبها من تخريب للممتلكات ونسف للبيوت .. إلخ. ومع ذلك لم تستطع القوة العسكرية أن تخضع الثورة الشعبية.
وفي ٢٥ آب / أغسطس ١٩٣٦ م ، وصل القائد المناضل فوزي القاوقجي إلى فلسطين ، قادما من العراق ، على رأس مجموعة من المتطوعين من عصبة الدفاع عن فلسطين ، التي تشكّلت في بغداد. وكان قد سبقه سليم عبد الرحمن ، الذي فرّ من المعتقل إلى العراق ، وساهم في تشكيل العصبة هناك. وانضم إلى القاوقجي متطوعون سوريون ، بقيادة الشيخ محمد الأشمر ، وهو من قادة الثورة السورية (١٩٢٦ م). كما انضمت إليه مجموعة أخرى من جبل العرب ، بقيادة حمد صعب. وكان سعيد العاص (حماة) قد وصل قبلهم إلى القدس ، وأسس مع عبد القادر الحسيني جيش الجهاد المقدس. وقد جاء القاوقجي بناء على دعوة من اللجنة العربية العليا لقيادة الثورة ، واعترف به القادة المحليون ، وأعلن في ٢٨ آب / أغسطس ١٩٣٦ م عن بدء نشاطه العسكري. وكان بين مساعديه عزّ الدين الشوا ، قائمقام جنين سابقا وطاهر الخطيب الذي كان مسؤول الخدمات الطبية في قضاء جنين ، والصحافي السوري منير الريس.
وخلال فترة قصيرة من تولي القاوقجي قيادة الثورة ، دخلت المواجهة مع قوات السلطة مرحلة جديدة. وفي ٣ أيلول / سبتمبر ١٩٣٦ م وقعت معركة بلعا (شرق طولكرم) ، إذ نصب كمين لقافلة متجهة إلى حيفا ، واستمرت طوال النهار ، استخدم الجيش البريطاني فيها الدبابات والطائرات ، واعتبرت نصرا للثوار. وبعدها بفترة (٩ أيلول / سبتمبر ١٩٣٦ م) وقعت معركتان في يوم واحد ـ معركة ترشيحا (قضاء عكا) والجاعونة (قضاء صفد) ، حيث كانت الخسائر كبيرة على الجانبين. وإزاء هذه النقلة النوعية في أعمال الثورة ، التي أضرّت بهيبة الجيش البريطاني ، قررت حكومة لندن إخماد الثورة بالقوة. فأرسلت تعزيزات عسكرية إلى فلسطين ، بقيادة الجنرال جون غرير ديل ، فوصلها في ١٣ أيلول / سبتمبر ١٩٣٦ م. واعترض الثوار الدفعة الأولى من التعزيزات في طريقها من ميناء حيفا إلى القدس ، في جبع (٢٤ أيلول / سبتمبر ١٩٣٦ م) ، ووقعت معركة استمرت يوما كاملا ، شارك فيها مقاتلون من جميع القرى المجاورة ، ولم يستطع الجيش تطويق الثوار. لكن القتال لم يتوقف ، وتجمع الثوار في بيت إمرين ، وقررت القيادة العسكرية البريطانية محاصرتهم ، وتمكنت من إحكام الطوق عليهم (٢٩ أيلول / سبتمبر ١٩٣٦ م) ، غير أن النجدات التي وصلت من القرى أنقذت الموقف ، بخسائر كبيرة ، وفرضت على الجيش الانسحاب في اتجاه نابلس. وفي ٤ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٣٦ م ، تحركت قوات بريطانية كبيرة إلى منطقة