العرب. أمّا شهادات أركان العمل الصهيوني ، فقد تميّزت بنبرة التهديد ، الاستعداد للقتال من أجل تكريس «الوطن القومي اليهودي» ، والتلميح إلى إمكان أن تغير الصهيونية تحالفاتها الدولية (إشارة إلى نقل مركز ثقلها إلى الولايات المتحدة). واستغل وايزمن ضائقة اليهود في ألمانيا النازية لتبرير مواقف المنظمة الصهيونية ، كما أكد على ما سمّاه «الرباط التاريخي» بين اليهود وفلسطين. وشكك وايزمن في سلامة الموقف البريطاني إذا كان يسعى لاسترضاء العرب على حساب الصهيونية ، مهدّدا بأن اليهود سيقاتلون للحفاظ على مكتسباتهم. وأدلى كل من دافيد بن ـ غوريون وموشيه شاريت (شرتوك) وزئيف جابوتنسكي بشهاداتهم أمام لجنة بيل. وتميّز بن ـ غوريون ، الذي أصبح من أبرز قيادات العمل الصهيوني ، بصلفه وعنف خطابه ، وقال : «إن الوطن القومي هدف بحد ذاته ، ونحن نجيء إلى البلد لأن هذا من حقنا ، سواء أكان ذلك مفيدا لغيرنا أم غير مفيد.» كما أثارت شهادة شاريت جدلا بشأن الهجرة غير الشرعية. وطالب جابوتنسكي بضم شرقي الأردن إلى «الوطن القومي اليهودي» ، والسماح للمستوطنين بتشكيل «جيش يهودي» في فلسطين. (١)
وغادرت لجنة بيل فلسطين في ١٣ كانون الثاني / يناير ١٩٣٧ م ، بعد أن أمضت شهرين في البلاد ، استمعت خلالهما إلى ٧١ شاهدا ، منهم ١٤ عربيا ، و ٢٠ إنكليزيا ، و ٣٧ يهوديا. وكانت قد تسربت خلال هذه الفترة من مصادر يهودية ، معلومات حول توجه لجنة بيل إلى التوصية بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب ، ومن ثمّ ضم القسم العربي إلى شرق الأردن ، بإمارة عبد الله بن الحسين. وكان كلما ازدادت هذه الشائعات رواجا ، زاد الحاج أمين في معارضته للسياسة البريطانية ، واستعداده لاستئناف الثورة. في المقابل ، أعلن حزب الدفاع (٣ تموز / يوليو ١٩٣٧ م) انسحابه من اللجنة العربية العليا ، واستقال من عضويتها راغب النشاشيبي ويعقوب فراج. فاحتدم الصراع داخل الصف الفلسطيني ، كما وقعت عدة عمليات مسلحة ضد السلطة والمستعمرات اليهودية ، وكذلك ضد المتعاونين مع حكومة الانتداب ، والمؤيدين للتقسيم ، والمناهضين لزعامة الحاج أمين. وفي صيف سنة ١٩٣٧ م ، كان واضحا أن البلاد تسير نحو استئناف الثورة ، إذ عاد الثوار إلى الظهور بسلاحهم ، وتزايدت الصدامات بينهم وبين الجيش والشرطة.
وفي ٧ تموز / يوليو ١٩٣٧ م ، أصدرت لجنة بيل تقريرها ، الذي تضمن توصية بتقسيم فلسطين ، كانت مفاجئة للقيادة الصهيونية ، ليس من حيث الفكرة ، التي كانت
__________________
(٤٥) المصدر نفسه ، ص ٩٧ ـ ٩٩.