لها إطلالة عليها ، وإنما من حيث التفصيلات ، التي لم تعجبها. وقد توصلت اللجنة إلى هذه التوصية على أرضية الاقتناع بعدم إمكان التعايش بين العرب والمستوطنين في فلسطين ، وبالتالي استعصاء تجسيد سياسة الانتداب ، فرأت في التقسيم الحل الذي تزيد مزاياه على عيوبه. وادّعت اللجنة أن التقسيم الذي لا يعطي أيّ طرف كل ما يرغب فيه ، فإنه يعطيه أشدّ ما يصبو إليه ـ الحرية والأمن. وفي الواقع ، فإن التقسيم ، بحسب توصية لجنة بيل ، يطالب العرب بالتنازل عن شيء يملكونه لمصلحة قيام كيان سياسي يهودي لا يرغبون فيه ، بينما يطالب اليهود بالتخلي عن شيء لا يملكونه ، لكنهم يرغبون في الحصول عليه ، بينما تحتفظ بريطانيا بمصالحها في فلسطين.
وكانت الخطوط العريضة لمشروع لجنة بيل للتقسيم كالتالي : ١) إنشاء دولة يهودية تضم القسم الشمالي والغربي من فلسطين ، وتمتد على الساحل من حدود لبنان إلى جنوبي يافا ، وتشمل عكا وحيفا وصفد وطبرية والناصرة وتل أبيب ، وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا ؛ ٢) تقع الأماكن المقدسة في منطقة القدس وبيت لحم ، وممر يصلها بمدينة يافا ، يضم اللد والرملة ، تحت الانتداب البريطاني الدائم ، المكلف أيضا حماية الأماكن المقدسة في الناصرة وطبرية. كما تبقى العقبة على البحر الأحمر في يد بريطانيا ؛ ٣) تضم الأراضي الفلسطينية الأخرى ، ومنها مدينة يافا ، إلى شرق الأردن ، وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا ؛ ٤) يجري «تبادل» للسكان بين الدولتين ـ العربية واليهودية ، فينقل العرب من الأراضي المخصصة للدولة اليهودية ، وعددهم نحو ٠٠٠ ، ٣٢٥ ، بشكل تدريجي إلى الدولة العربية ، ويتم ذلك قسرا إذا لزم الأمر ، وتهيّأ لهم أراض في منطقة بئر السبع ، بعد تحقيق مشاريع الري ؛ ٥) تدفع الدولة اليهودية مساعدة مالية للدولة العربية ، وتمنح بريطانيا مليوني جنيه للدولة العربية ؛ ٦) تعقد معاهدة جمركية بين الدولتين لتوحيد الضرائب فيهما. (١)
وفي الواقع ، فإن لجنة بيل ، التي استخلصت أن الانتداب بأهدافه القائمة غير قابل للتنفيذ ، قدمت بدورها مشروعا للتقسيم أقل قابلية للتنفيذ. فلا العرب ، ولا اليهود ، كانوا راضين عنه ، كما أكدت هي بنفسها ، لكنها لم تلحظ على عاتق من تقع مسؤولية التطبيق العملي للمشروع. وإذ ألمحت إلى استعمال القوة ، فإنها لم تحدد الجهة التي ستتولى استخدامها. وعلى الأقل في الجانب العربي ،
__________________
(٤٦) «الموسوعة الفلسطينية» ، القسم الثاني ، المجلد الثاني ، مصدر سبق ذكره ، ص ١٠٤٤ ـ ١٠٤٥.