البريطانية تدريب وحدات من الهاغاناه وتسليحها للقيام بأعمال التخريب وراء الخطوط الألمانية ، إذا جرى احتلال فلسطين ، وإدارة شبكة إرسال للمحافظة على الاتصال مع قوات الحلفاء في أثناء الاحتلال المفترض. وقررت الوكالة اليهودية وضع جهاز استخباراتها في البلاد العربية في خدمة الجيش البريطاني ، وتزويده ببعض مجموعات الاستطلاع في أثناء الحملة على سورية ولبنان ، ضد القوات الفرنسية الموالية لحكومة «فيشي» ، التي استسلمت لألمانيا وتعاونت معها. وفي تلك الفترة ، ضاعفت المنظمة الصهيونية جهودها لتجنيد المتطوعين للخدمة في الجيش المزمع إنشاؤه ، وقامت بحملة واسعة لهذا الغرض في فلسطين وبريطانيا والولايات المتحدة وبلدان أوروبية أخرى ، مطالبة بتشكيل جيش يهودي ينخرط فيه اللاجئون من الدول الأوروبية. وعلى الرغم من معارضة حكومة الانتداب ، وكذلك المندوب السامي في القاهرة ، تخطى تشرشل ذلك ، واتخذ قرارا بتشكيل ذلك الجيش في آب / أغسطس ١٩٤٤ م ، أي والحرب توشك على نهايتها. وبذلك تشكلت الألوية العسكرية اليهودية التي أدّت الدور المركزي في احتلال فلسطين سنة ١٩٤٨. وقد تمّ ذلك بالاتفاق بين تشرشل وروزفلت ، إعدادا للإعلان عن قيام الكيان الصهيوني في الوقت الملائم ، وتأهيله لحسم المعركة مع الشعب الفلسطيني عسكريا.
وما عدا ثورة رشيد عالي الكيلاني ، لم يحدث ما يقلق بريطانيا في البلاد العربية في أثناء الحرب. فلقد همدت الثورة الفلسطينية ، والتفت الناس إلى أوضاعهم الاقتصادية ، بعد الخسائر التي لحقت بهم في أعوام الثورة ، بينما ظلت القيادة السياسية في الخارج ، والأحكام العسكرية تكبح كل نشاط سياسي في الداخل ، فساد وضع من الترقب بانتظار نهاية الحرب ونتائجها. وانتقل الحاج أمين وأعوانه المقربون من لبنان إلى العراق ، ووقفوا إلى جانب ثورة الكيلاني ، رغبة في استغلال وضع بريطانيا الصعب لانتزاع ضمانات لإنقاذ فلسطين من الصهيونية. لكن بريطانيا أرادت ضمان ولاء العرب من دون شروط ، وحشدهم تحت كنفها عبر استغلال التناقضات بين حكامهم. وأحبط تشرشل المساعي للتوصل إلى تفاهم مع القيادة الفلسطينية ورشيد عالي الكيلاني ، اقتناعا منه بإمكان سحب الحاميات البريطانية من فلسطين ، إذا ما جرى تأهيل قوات يهودية هناك للدفاع عنها في حال غزو ألماني محتمل. وبناء عليه ، تقرر سحق ثورة الكيلاني بالقوة ، وقامت بذلك وحدات بريطانية ، تساندها قوات حدود شرق الأردن ، بقيادة غلوب باشا (سير جون باغوت غلوب) ، وعناصر من المنظمات الصهيونية ، بينهم أحد قادة الإرغون (دافيد رزيئيل) ، الذي قتل في الهجوم على مطار الحبانية.