ونفوذ في تلك المنظمة الدولية. وكذلك ، واستنادا إلى الدعم الأميركي ، توسمت الوكالة اليهودية الخير في نقل قضية فلسطين إلى أروقة الأمم المتحدة ، وراحت تعد العدة للاستيلاء على البلد بقرار دولي. في المقابل ، فالعرب الذين طالبوا بإنهاء الانتداب ، ونقل القضية إلى الأمم المتحدة ، وجدوا أنفسهم مرة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية ، كما كانوا بعد الأولى ، في مواجهة تحالف دولي ، تقوده هذه المرة الولايات المتحدة ، ويعمل على استلاب فلسطين ، وتحويلها إلى إسرائيل ، بكل ما ينجم عن ذلك من نتائج ، وخصوصا لناحية تغييب شعبها عنها ، ماديا وسياسيا وحضاريا. وكان عليهم أن يخوضوا المعركة لصيانة حقوقهم مرة أخرى ، ولكن من دون نجاح كبير.
وعقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورة استثنائية لمناقشة الوضع في فلسطين بتاريخ ٢٨ نيسان / أبريل ١٩٤٧ م ، وقررت في ٧ أيار / مايو ١٩٤٧ م تشكيل لجنة تحقيق دولية. وتشكلت لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين (أنسكوب) من أحد عشر عضوا ، بعد استبعاد الدول الخمس الكبرى عنها ، بذريعة «الموضوعية» ، وتداركا للانحياز الذي تتسم به مواقف تلك الدول ، انطلاقا من مصالحها. وشارك فيها مندوبو : استراليا وكندا وتشيكوسلوفاكيا وغواتيمالا والهند وهولندا وإيران وبيرو والسويد والأوروغواي ويوغسلافيا ، وترأسها القاضي السويدي ، إميل ساندستروم. ورفضت الدول العربية فكرة اللجنة وتركيبها. وصوتت ضد قرار تشكيلها ، وأيدتها تركيا وأفغانستان. وأعلن المندوب البريطاني في الأمم المتحدة ، سير ألكسندر كادوغان ، (٩ أيار / مايو ١٩٤٧ م) أن حكومته ، على الرغم من احترامها لأي قرار تصدره الجمعية العامة ، ترى ألّا تتحمل بريطانيا وحدها مسؤولية تطبيقه ، إذا رفضه اليهود والعرب.
وقرّرت الهيئة العربية العليا مقاطعة لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة ، ودعت إلى الإضراب يوم وصولها إلى القدس بتاريخ ١٧ حزيران / يونيو ١٩٤٧ م ، فاستجابت البلاد عامة. أمّا اللجنة السياسية للجامعة العربية فرأت ضرورة استقبال لجنة التحقيق ، لأن حكوماتها أعضاء في الأمم المتحدة ، واتفقت على تقديم مذكرة موحدة باسم الحكومات العربية جميعا. وأوكلت مهمة الإدلاء بالمذكرة أمام اللجنة لوزير خارجية لبنان. وورد في المذكرة الجماعية استنكار تشكيل لجان التحقيق المتكرر من دون جدوى ، والتأكيد على عروبة فلسطين ، وحقها في الاستقلال ، والتحذير من مخاطر إقامة دولة يهودية في المنطقة ، وأن الحل الوحيد هو قيام حكومة مستقلة يتمتع فيها العرب واليهود بالحقوق والواجبات الدستورية. وفي هذه الأثناء ، صعدت العصابات