لأنّه إنما عمله لأجل أن يكون قدوة لا غير.
هذا وفي لقيم سدود كثيرة للمياه ، إذا شاهدها الغريب ، ولم يكن يعلم طبيعة الإقليم ، ظنّ أنّها أسوار للحصار ، وحقيقة الحال أنّ الماء في هذه البلاد عزيز ، فإذا جاءت سحابة ملأت السهل والوعر ، وأسالت الأودية ، وقد تكون السحابة لم تستمر أكثر من ساعة ، ثم تعود الأرض فتنشف كأن لم تصبها نقطة مطر. فأهالي جزيرة العرب من قديم الدهر احتاطوا للأمطار بالسدود والحواجز ، لتحويل المياه إلى أشجارهم وزروعهم ، ولعدم ذهاب الماء سدى ، ومن هذه السدود ما كان يضرب به المثل ، وما كانت تحيا به بلدان وقبائل ، مثل سد مأرب مثلا ، وكيفما تقلّب السائح في جزيرة العرب وجد السدود والحواجز والقني بين كبير وصغير ناطقة بلسان حالها أنّه يجب إحراز المياه بقدر الإمكان ، لأنّه لا يتيسّر هنا في كل وقت.
ولقد صادفنا في جوار الطائف كثيرا من السدود القديمة الخربة ، ولحظنا آثار عمران دارسة ، كانت في أصولها جنانا ناضرة ، ومما لا مرية فيه أنّ جزيرة العرب ملأى بهذه الآثار ، ولكن ليس لها كتب تفي بالتعريف بها إلا ما كان من كتب الهمداني (١).
ولقيم موصوفة بجودة الحنطة والحبوب ، ولذلك جاء في «تاج العروس». الحنطة اللقيمية الكبار السّروية ، التي يؤتى [بها] من السراة ، أو نسبة إلى لقيم ـ كزبير ـ بلدة بالطائف موصوفة بجودة البّر والشعير.
وفي «لسان العرب» : لقيم اسم رجل ، ولا أدري أسميت هذه القرية باسم رجل اسمه لقيم ، أم هي تصغير لقم بمعنى طريق؟
وقد جاء ذكر لقيم في تواريخ الطائف ، نقل ابن فهد الهاشمي المكي المتوفى سنة (٩٢٢) في كتابه «تحفة اللطائف ، في فضائل الحبر ابن
__________________
(١) [الحسن بن أحمد صاحب «الإكليل» و «صفة جزيرة العرب»].