الماء إذا اهرقته(وغيره (١) كدم القراد (٢) وإن لم يكن) الدم(نجسا) ، لعموم «حرّمت عليكم الميتة والدّم» (٣) ولاستخباثه (٤) (أمّا ما يتخلّف في اللحم) مما لا يقذفه
______________________________________________________
ـ صببته ، فالمسفوح هو المصبوب ، بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (١) ، وقوله تعالى : (إِنَّمٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) (٢) ، وقوله تعالى : (قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (٣) ، وللأخبار الكثيرة التي تقدم بعضها في مستثنيات الذبيحة.
وعليه فالدم المتبقي من الذبيحة في العروق مما يجوز أكله لأنه غير مسفوح ، بلا خلاف فيه ولاستلزام تحريمه العسر والحرج المنفيين شرعا لعدم خلو اللحم عنه وإن غسل مرارا.
نعم ما كان غير مسفوح من دم ما يؤكل لحمه وهو غير ذي النفس كدم السمك فعن جماعة منهم العلامة في المختلف والمحقق في المعتبر وابنا زهرة وإدريس أنه حلال فيجوز أكل السمك بدمه بل ادعى في المعتبر الإجماع عليه لأن المحرم في الأكل من الدم هو المسفوح فقط للآية المتقدمة ، وعن الأكثر الحرمة للاستخباث ، وفيه أن الدم الباقي في داخل السمك المختلط مع لحمه لا إشكال في عدم خباثته ، نعم لو استخرج واجتمع في محل لكان من مصاديق الخبيث.
وأما الدم من غير مأكول اللحم سواء كان من ذوات النفس السائلة أم لا ، وسواء كان مسفوحا أم لا فهو مما يحرم أكله لأنه نجس.
(١) أي وغير الدم المسفوح ، وهو دم الحيوان من غير ذوات النفس السائلة ، سواء كان مما يجوز أكله أو لا ، وقد عرفت ما في التعميم من ضعف.
(٢) على وزن الغراب ، دويبة صغيرة تتعلق بالبعير ونحوه.
(٣) سورة المائدة ، آية : ٣ ، وفيه أن هذه العمومات مطلقة فلا بد من حملها على المقيد وهو آية الأنعام وهي قوله تعالى : (إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) (٤).
(٤) وفيه عدم الخباثة إذا كان مما يؤكل لحمه من غير ذات النفس السائلة وما زال في الداخل لم يخرج ، والعرف هو الحاكم.
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٣.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٧٣.
(٣) سورة الأنعام ، الآية : ١٤٥.
(٤) سورة الأنعام ، الآية : ١٤٥.