وردوه بأنّ أخيّ وأبيّ بالتشديد جمع سلامة وأصله : أخون وأبون فحذفت النون للإضافة وقلبت واو الجمع ياء وأدغمت في ياء المتكلّم على القياس كما فعلوا في مسلميّ ، واستشهدوا على ذلك بقول الشاعر : (١)
ضربت أخيك ضربة لا جبان |
|
ضربت بمثلها قدما أبيكا |
أراد أخينك وأبينك / فحذف النون للإضافة فبقي : أخيك وأبيك ، وأمّا «ذو» فإنّها لا تضاف إلى مضمر ولا تقطع عن الإضافة ، وإنّما لم تضف ذو إلى المضمر ، لأنّها جعلت وصلة إلى الوصف باسم الجنس (٢) نحو : مال وعلم كما جعلوا الذي وصلة إلى وصف المعارف بالجمل ، وهمزة الوصل وصلة إلى النطق بالساكن ، والفاء وصلة إلى المجازاة بالجملة الإسميّة ، وأيا وصلة إلى نداء ما فيه اللام ، والوصل في كلامهم كثير ، فلمّا كان ذو وصلة إلى الوصف لم تكن وصفا بل ما بعدها هو الوصف ، والمضمر لا يوصف به ولا يوصف ، فلم يدخل على المضمر إلّا شاذّا نادرا (٣) نحو : صلّ على محمّد وذويه ، وكذا ما روي : (٤)
إنّما يعرف ذا الفض |
|
ل من النّاس ذووه |
وإنّما لم تقطع ذو عن الإضافة لأنّها وصلة إلى ما بعدها ، وهو المقصود لا هي ، فلو قطعت لخرجت عن وضعها ، وفي إضافة الفم لغتان :
إحداهما : فمي ، لأنّه في الإفراد فم ، والثانية : فيّ وهو الفصيح ، لأنّ ميم الفم أبدلت من الواو في الإفراد على ما سنذكره في قسم التصريف (٥) وإذا زال الإفراد بالإضافة رجعت الواو فصار فوي ، فاجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسر ما قبل الياء للمجانسة فصار
__________________
(١) البيت لم أهتد إلى قائله.
(٢) شرح المفصل ، ٣ / ٣٧.
(٣) قال السيوطي في الهمع ، ٢ / ٥٠ والمختار جوازها أي إضافتها إلى ضمير كما يفهم من كلام أبي حيان ، أن الجمهور عليه ، خلافا للكسائي والنحاس والزبيدي والمتأخرين في منعهم ذلك إلا في الشعر».
(٤) لم يعرف قائله ، انظره في شرح المفصل ، ١ / ٥٣ ، ٣ / ٣٨ ولسان العرب ذو ، والمقاصد الحسنة ١٠٨ وهمع الهوامع ، ٢ / ٥٠.
(٥) ٢ / ٢٣٩.