فصل (١)
والنّظر في الوصف على أربعة أضرب لأنّ اللفظ منه ما لا يوصف ولا يوصف به وهو المضمر كما سيذكر ، ومنه ما يوصف ولا يوصف به وهو العلم ، ومنه ما يوصف به ولا يوصف وهو الجملة الخبريّة ، ومنه ما يوصف ويوصف به وهو المعرّف باللام والمضاف والإشارة ، وإنّما لم يوصف المضمر لأنّ بعض المضمرات وهو أنا في غاية الوضوح فلا يحتاج إلى توضيحه بالصفة ، وكذلك المخاطب يوضحه الحضور والمشاهدة فلا اشتراك فيما هذا شأنه ، وإذا انتفى موجب الوصف وهو الاشتراك انتفى الوصف ، لأنّ الوصف إنّما هو للإيضاح وقد ثبت إيضاح المضمر بدونه وحمل باقي المضمرات على ذلك (٢) وإنّما لم يوصف بالمضمر ؛ لأنّ الصفة تدلّ على معنى في الموصوف ، والمضمر وضع ليدلّ على الذات ، ويجب أن يكون الموصوف أخصّ من الصفة أي أعرف منها أو مساويا لها ، ولا يجوز أن تكون الصفة أخصّ منه أي أعرف منه ؛ لأنّه المقصود بالنسبة المفيدة والصفة غير مقصودة بذلك فلا يوصف المعرّف باللام باسم الإشارة لأنّه أخصّ من المعرّف باللام (٣) فلا يقال : مررت بالرجل هذا ، وتراد الصّفة ، ويلزم أن يوصف اسم الإشارة بالمعرّف باللّام لأنّ اسم الإشارة مبهم الذات ، واسم الجنس يدلّ على حقيقة الذّات وتعريفه بالألف واللام ، فمن ثمّ وجب أن توصف أسماء الإشارة بما فيه الألف واللام لدلالته على حقيقة الذّات فيتّضح به اسم الإشارة لكونه مبهم الذات (٤).
والعلم يوصف بثلاثة أشياء ، بالمبهم ، وبالمعرّف باللام ، وبالمضاف ، لكون
__________________
(١) الكافية ، ٤٠٠.
(٢) شرح الكافية ، ١ / ٣١١.
(٣) ذهب جمهور النحويين إلى أنّ المضمرات أخصّ المعارف ثم العلم ثم المبهم ، وما أضيف إلى معرفة من المعارف فحكمه حكم ذلك المضاف إليه في التعريف ثم ما فيه الألف واللام ، وذهب قوم إلى أن المبهم أعرف المعارف ، وذهب قوم آخرون إلى أنّ أعرف المعارف العلم ثمّ المضمر ثم المبهم ثم ما عرّف بالألف واللام ، وما أضيف إلى معرفة فحكمه حكم ذلك المضاف إليه في التعريف انظر الإنصاف ٢ / ٧٠٧ وشرح المفصل ، ٣ / ٥٦ وتسهيل الفوائد ، ١٧٠ وشرح الكافية ١ / ٣١٢.
(٤) شرح الوافية ، ٢٥٨ ـ ٢٥٩.