ولا لمن وافقه (١).
ولكن ذاك النقل للنصوص ، وهذا التأييد في الآراء لم يجعلا أبا الفداء أسير المفصل وصاحبه ، فخالفه في عدد من آرائه غير أن هذه المخالفات هي في حقيقتها مآخذ ابن الحاجب على الزمخشري ، فكان أبو الفداء بنقلها وتقريرها ، موافقا فيها ابن الحاجب من جهة ، ومخالفا الزمخشري من جهة ثانية ، من ذلك ردّه على قول الزمخشري في المفصل «وفي اقرأ آية ثلاثة أوجه أن تقلب الأولى ألفا ، وأن تحذف الثانية وتلقى حركتها على الأولى ، وأن تجعل معا بين بين وهي حجازية» (٢) فعلق أبو الفداء على الوجه الثالث ناقلا رأي ابن الحاجب بقوله : «وسها في المفصل حيث قال وأن تجعلا معا بين بين ، لأن الأولى ساكنة ، والساكنة لا تجعل بين بين أصلا لأن الغرض من بين بين تقريبها من السكون فتقرب إلى الخفة وإذا كانت ساكنة فقد بلغت الغاية في الخفة فلا يصح أن تخفف حينئذ بالتقريب من السكون» (٣).
وفضّل أحيانا حدّ ابن الحاجب على حد الزمخشري ، فقد عرّف الزمخشري اسم الآلة بقوله : والمراد بها ما يعالج به وينقل» (٤) وأضاف أبو الفداء بعد ذكره ذلك ما يدل على ترجيح حد ابن الحاجب لها فقال «والأولى أن يقال : هي اسم مشتق من فعل لما يستعان به في ذلك الفعل» (٥).
١٤ ـ السّخاوي المتوفى ٦٤٣ هـ
اقتصر أبو الفداء في موقفه من السخاوي على نقل أقواله وآرائه مما يدلّ على موافقته له ، من ذلك ما نقله أبو الفداء تعليقا على قول الزمخشري في مفصله : وإدغام الراء في اللّام لحن فقال : «كذا قال في المفصل ، وهو مذهب سيبويه والخليل قال السخاوي : وقد أدغم أبو عمرو الراء في اللام فيما يزيد عن ثمانين موضعا في القرآن
__________________
(١) الكناش ، ٢ / ٤٢ وشرح التسهيل لابن المالك ، ١ / ٣٤٦ وشرح الأشموني ، ١ / ٢٣٠.
(٢) المفصل ، ٣٥٢.
(٣) الكناش ، ٢ / ١٧٩ وإيضاح المفصل ، ٢ / ٣٥١ ، وانظر الكناش ، ٢ / ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٤) المفصل ، ٢٣٩.
(٥) الكناش ، ١ / ٣٥٤ وإيضاح المفصل ، ١ / ٦٦٨.