ومنه يظهر الحال في الثالث ، فإن من القريب جدا حمله على الإرشاد للقضية الارتكازية المذكورة بعد الفراغ عن انحلال التكليف ، لا على بيان حال التكاليف الواقعية تعبدا وشرحها على خلاف ظاهر أدلتها الأولية في الارتباطية ، لتكون حاكمة على تلك الأدلة.
ولذا كان المرتكز شمولاه ـ كالثاني ـ للمرتبة القليلة بعد فرض الانحلالية ، كشق التمرة بالاضافة إلى إشباع الفقير ، مع أن قاعدة الميسور مختصة عندهم بما إذا كان الميسور معتدا به من المركب ، فلو لا كون الحديثين لبيان قضية ارتكازية آبية عن التخصيص لكان اللازم البناء على قصورهما عن ذلك بعد فرض الإجماع على قصور القاعدة التي هي تعبدية محضة. فتأمل.
وقد تحصل : أنه لا مجال لإثبات عموم قاعدة الميسور من حديث الرفع ونحوه ، ولا من النصوص المتقدمة ، بعد قصورها دلالة وسندا.
فلا مجال بعد ذلك للكلام في عمومها للمستحبات ، وللشروط ، وغير ذلك مما أشار إليه شيخنا الأعظم قدّس سرّه وغيره.
نعم ، المعنى الارتكازي الذي تقدم حمل النصوص عليه لا إجمال فيه ، وهو شامل للأمرين. والله سبحانه وتعالى العالم ، والحمد لله رب العالمين.