يناسب حمله على بيان الوظيفة الفعلية ولو كانت ثانوية ، كالقطع بعدم كون مضمونه هو الحكم الأولي ، مع ظهور الخطاب به في الجدية المستتبعة للعمل ، نظير ما ورد من أمر الكاظم عليه السّلام علي بن يقطين بوضوء العامة ، حيث أدرك عليّ أن الأمر المذكور ثانوي لمخالفته لما عليه إجماع العصابة في كيفية الوضوء ، كما صرح به في الخبر (١).
وربما يشير إليه ما في خبر الخثعمي : «سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : من عرف أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا ، فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه» (٢) ، فإن الفتوى التي تدفع عن المكلف هي الفتوى بالحكم الثانوي المطابق لمقتضى التقية في حقه ، لا الفتوى الصورية تقية غير المستتبعة للعمل مع العلم بحالها ، فإنها تدفع عن المفتي لا غير.
وذلك هو المناسب لما تضمنه خبر الكناني ومرسل الحسين بن المختار من ترجيح الراوي الأحدث بطبعه من دون أن ينبهه الإمام عليه السّلام له ، لاختصاص الجهة الارتكازية المقتضية لذلك بما إذا أحرز أن كلا من الخطابين متكفل بالوظيفة الفعلية وإن كانت ثانوية ، دون ما إذا كانا واردين لبيان الحكم الأولي غير القابل للتعدد ، لعدم الفرق بين الأحدث وغيره في احتمال مخالفة الواقع.
بل ما تضمنه خبر الكناني من فرض تعدد الاستفتاء من الشخص الواحد في الواقعة الواحدة مناسب لكون المسئول عنه هو الحكم الفعلي القابل للاختلاف في عامين ، إذ لا داعي غالبا لتكرار السؤال عن الحكم الأولي الذي لا يختلف.
وأما ما تضمنه هو ومرسل الحسين بن المختار من فرض اختلاف الحديثين المسموعين من الإمام ، مع ظهور الحديث في ما يحكيه الإمام عن
__________________
(١) الوسائل ج : ١ ، باب : ٣ من أبواب الوضوء حديث : ٣.
(٢) الوسائل ج : ١٨ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣.