بأحدهما أو بهما جميعا أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلّى الله عليه وآله والرد إليه وإلينا ، وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلّى الله عليه وآله مشركا بالله العظيم.
فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله ، فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب ، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلّى الله عليه وآله فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام ومأمورا به عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهي رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمره ، وما كان في السنة نهي إعافة ، أو كراهة ثم كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة في ما عافه رسول الله صلّى الله عليه وآله وكرهه ولم يحرمه. فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا ، وبأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم ، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا» (١).
وسنده لا يخلو عن اعتبار ، لأن رجاله بين صحيح وموثق عدا محمد بن عبد الله المسمعي ، الذي قال في حقه الصدوق بعد رواية هذا الخبر : «كان شيخنا محمد بن الحسين بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه سيّئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث ، وإنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي».
وحيث كان سوء الرأي لا يخلو عن إجمال ، لإمكان رجوعه لجهات لا تنافي الوثاقة كالغلو واعتماد المراسيل ، فلا يخرج به عن ظاهر حال ابن الوليد في الاعتماد على حديثه ، حيث لم يستثنه في ما حكي عنه من رجال كتاب نوادر الحكمة ، ولا سيما مع ما صرح به الصدوق في كلامه المتقدم من رواية ابن
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ ، باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣١ ، عن عيون أخبار الرضا عليه السّلام.