لأنه بعين الله الذي يقدّر لكل إنسان جهده وعمله ، لأن الله لا يضيع عمل عامل من الناس من ذكر أو أنثى ، فيدفعه ذلك إلى تحمل الصعوبات والمشاق الكثيرة في سبيل الله طمعا في ثواب الله ورضاه.
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) فهو الذي يبقى للإنسان من بعد موته فيجده عند الله محضرا ، وقد جاء في قوله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) [الكهف : ٤٦] وهو الذي تلتقي فيه الدنيا والآخرة في التقاء العمل الصالح بعواقبه الطيبة ، والمسؤولية بنتائجها الخيرة ، ثم أكد الموضوع بكلمة تحمل الكثير من المعاني الحميمة التي تربط الخالق بالمخلوقين ، لأنها تمثل دعوته الرحيمة في أن يعيشوا الجو الحميم بالحاجة إلى الإحساس بوجود الله وحضوره في وعيهم ، الذي يؤدي إلى الالتزام بخط التقوى عندهم. (وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ). وكان هذا النداء انطلاقة رائعة توحي للإنسان بأن كل هذه القضايا هي من وحي العقل الذي لا يدعو إلا إلى ما فيه الخير كل الخير في الدنيا والآخرة ، ليستنفر الإنسان عقله في كل وقت فلا يغيب عنه في أي مجال حتى لا تنهار حياته في لحظات الجنون.
* * *
لا جناح في ابتغاء الفضل بعد إتمام الحج
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ورد في بعض الأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام أن هذه الفقرة واردة لبيان الرخصة للمؤمنين في ممارسة الأعمال التجارية بعد فراغهم من الحج ، لأنهم كانوا يشعرون بالحرج في ذلك ، وربما كانوا يعانون من الشعور بعقدة الذنب في حال ممارستهم لها. وهذا المعنى ظاهر من الآية من خلال التعبير بعبارة :