بينما يساهم القمار في شعور الخاسر بالحقد تجاه الرابح ، لأنه قد أخذ منه ماله دون مقابل. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، يشارك الخمر والقمار من خلال الإدمان عليهما ، في إبعاد الإنسان عن الذكر وعن الصلاة ، وعلى هذا وجّه القرآن الكريم سؤالا ، يقصد منه الاستنكار وطلب الكف عن هاتين العادتين بقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] كإيحاء خفيّ بأن العاقل هو الذي يبادر بنفسه ، من دون حاجة إلى تعليمات خارجية ، لترك ما يفسد عليه أمر حياته وقضية مصيره.
* * *
القرآن والموازنة بين الإيجابيات والسلبيات
ثم أراد القرآن الكريم أن يوازن بين الإيجابيات والسلبيات ، فيحضرهما في وعي الناس في البداية ، ثم يرشدهم إلى الحقيقة الموضوعية ، وهي زيادة نسبة الجوانب السلبية في ممارستهما على الجوانب الإيجابية ، ويترك للعقل الواعي عملية استخلاص النتيجة التي ستكون إلى جهة التحريم ، لأن العقل لا يقبل للإنسان أن يرتكب الفعل الذي يضره بنسبة كبيرة ، لتحصيل منفعة ليست بذاك المستوى من الأهمية. أما كيف ذلك؟ فإننا قد نجد إلى جانب منفعة الخمر والقمار مفاسد لا تمثل المنفعة القليلة ـ معها ـ شيئا ، فهناك المشاكل الصحية والمشاكل الاجتماعية التي قد تحدث كنتيجة طبيعية لغياب العقل في بعض الحالات مع بقاء الإنسان جزءا من الحياة الاجتماعية في تصرفاته وحركاته ، مما يسبّب كثيرا من الجرائم والانحرافات العامة والخاصة ، إذ ليس في المجتمع محاجر عقلية تحجر على المدمن حريته في حال سكره ، فلا تدعه