والتعذيب الجسدي ، والتجويع الغذائي ، والحصار الاقتصادي ، ونحو ذلك مما مارسته قريش وحلفاؤها ضد المسلمين الذين دخلوا في الإسلام آنذاك من النساء والرجال ، وكانت قمة ذلك ما قامت به ضد آل ياسر وبلال الحبشي وبني هاشم في حصار الشعب ، وإلجاء المسلمين إلى الهجرة فرارا من شدة التعذيب ، فإنها قد تتمثل في الأوضاع الفاسدة الضاغطة على الجو الأخلاقي العام ، المانعة من السعي نحو إيجاد المجتمع المسلم في أخلاقيته وروحانيته ومناهجه الإسلامية بمختلف وسائل الاضطهاد الروحي ، مما يدفع بالناس إلى الانحراف عن الحق ، وقد يتمثل بمصادرة الحريات الفكرية والسياسية والإعلامية من قبل القوى المستكبرة لمصلحة تيارات مضادة كافرة ، تتحرك في حرياتها الضاغطة على الدين وأهله ، بحيث تمنع الجيل الجديد من الثبات على الإسلام ، وتنحرف بالجيل الحاضر عن الخط المستقيم ، سواء كان ذلك على مستوى الحكومات أم الشخصيات أم الأحزاب المستبدة.
* * *
القتال في المسجد الحرام
(وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) وجاءت هذه الآية لتدل على أن للمسجد الحرام حرمته الكبيرة عند الله ، لأن الله جعله قاعدة السّلام للإنسان في الأرض ، فلا يحل فيه القتال مهما أمكن الامتناع عن ذلك ، ولا يجوز لأحد أن يبدأ أحدا بقتال فيه ، ولكن الدفاع عن النفس حق مقدس ، فللإنسان حق الوقوف بقوّة ضد الذين يقاتلونه في هذا المكان الآمن ، لأن انتهاك الحرمة لم يكن من قبل المدافعين ، بل من جانب المهاجمين ، ولذلك فإن على المسلمين أن لا يشعروا بالحرج أمام حالة اضطرارهم للدفاع عن أنفسهم بقتال المشركين في المسجد الحرام ، لأن ذلك