اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) [المائدة : ٩٠ ـ ٩٤].
وقد ردّه العلّامة الطباطبائي ، «أوّلا : إنه أخذ الإثم بمعنى الضرر مطلقا ، وليس الإثم هو الضرر. ومجرد مقابلته في الكلام مع المنفعة ، لا يستدعي كونه بمعنى الضرر المقابل للنفع. وكيف يمكن أخذ الإثم بمعنى الضرر في قوله تعالى : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) [النساء : ٤٨] ، وقوله تعالى : (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة : ٢٨٣] ، وقوله تعالى : (أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) [المائدة : ٢٩] ، وقوله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) [النور : ١١] ، وقوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) [النساء: ١١١]. إلى غير ذلك من الآيات.
وأما ثانيا : فإن الآية لم تعلّل الحكم بالضرر ، ولو سلّم ذلك فإنها تعلّل فعلية الضرر على المنفعة ، ولفظها صريح في ذلك حيث يقول : (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) وإرجاعها مع ذلك إلى الاجتهاد ، اجتهاد في مقابل النص.
وأمّا ثالثا ، فإن الآية في نفسها قاصرة الدلالة على الحرمة ، لكنها صريحة الدلالة على الإثم وهي مدنية قد سبقتها في النزول آية الأعراف المحرّمة للإثم صريحا ، فما عذر من سمع التحريم في آية مكية ، حتى يجتهد في آية مدنية؟! (١).
* * *
ملاحظة على رأي الطباطبائي
ونحن نوافق العلامة الطباطبائي على تأكيده على دلالة الآية على
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢ ، ص : ١٩٨ ـ ١٩٩.