وتحريم لحم الإبل ، فأمرهم أن يلتزموا جميع أحكام الإسلام ـ كما جاء في مجمع البيان (١) ـ. ولكن هذا خلاف الظاهر ، كما ذكرناه من استبعاد إرادة الإسلام من كلمة (السِّلْمِ) أولا ، وثانيا لأن كلمة (كَافَّةً) لا تستعمل ، غالبا ، إلا في موقع الكلمة الدالة على الجمع لفظا ومعنى ، مع أن كلمة (السِّلْمِ) ظاهرة في المفرد ، وتقدير كلمة الأحكام خلاف الظاهر.
* * *
خطوات الشيطان تصادر خطوات السّلام
(وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) فإنه يبعد المؤمن عن خط إيمانه بالاستغراق في أجواء اللهو والغفلة ، فيتجمد إيمانه في داخل ذاته بعيدا عن حركة الحياة من حوله ، ليجعل كل الخطوات متحركة في طريقه السائر نحو الضلال والكفر والانحراف ... وذلك بما يثيره في النفس من وساوس الشر ، ونوازع الشك ، وعوامل الانحراف ؛ فيفقده وعي الإيمان ، فيرى الحق باطلا والباطل حقا ، وتضطرب مقاييسه عند ما يختلف لديه ميزان الرؤية للأشياء. ولعل من بين هذه النتائج السلبية لذلك ، هو ما نواجهه من حرب المؤمن للمؤمن باسم الإيمان ، بتسويل الشيطان له بأنه يحارب الانحراف لدى المؤمن ، ولكنه لو دقّق النظر ، لاكتشف أنه يعاديه على أساس مزاجه الشخصي وهواه الذاتي.
وربما كان من مظاهر ذلك ما نواجهه من إثارة الخلافات المذهبية والطائفية بين المسلمين ، بالمستوى الذي يؤدي إلى التخاصم والتنازع في المجالات العامة ، بحجة الدفاع عن الحق ، في ما يوحيه الشيطان للمعتدي ،
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٥٣٧.