وشرا لعمرو ، ولذلك وصفه الله تعالى بالأمرين ، فقال في موضع : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) وقال في موضع آخر : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون : ٥٥] ، وقوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) أي : مالا ، وقال بعض العلماء : لا يقال للمال خير حتى يكون كثيرا ومن مكان طيّب» (١)
(جَنَفاً) : الجنف : الميل عن الحق على جهة الخطأ ، وأصل الجنف ميل في الحكم.
(إِثْماً) : الإثم : الميل عن الحق على وجه العمد.
* * *
الوصية .. الصوم .. الدعاء ..
هذه إحدى آيات الأحكام التي تضمنتها هذه السورة كجزء من تنظيم المجتمع المسلم في المدينة في علاقاته الإنسانية ، وذلك في نطاق مبدأ الوصية للوالدين والأقربين ، فقد أراد الله للإنسان أن يعبّر عن شعوره بالمسؤولية تجاه أرحامه بعد الموت ، كما أراد له أن يصلهم في حال الحياة ، وذلك بأن يوصي لهم ببعض من ماله ـ في ما إذا ترك شيئا منه ـ ليدلّل على عاطفته نحوهم ، مما يحقق لرابطة القرابة أساسا يمتزج فيه الجانب الروحي بالعطاء المادي في عملية إنسانية هادفة.
ولعل هذا ما يميز الوصية عن الإرث ، فإن الإرث ، يمثل وضعا تشريعيا لا تتدخل فيه إرادة الإنسان وعاطفته ، لأنه حكم شرعي لا خيار للإنسان فيه فهو
__________________
(١) الأصفهاني ، الراغب ، معجم مفردات ألفاظ القرآن ، ت : نديم مرعشلي ، دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، ص : ١٦٣.