من فرض الله الذي يجب أن يخضع له. أمّا الوصية ، فإنّها تنطلق من إرادة الموصي وتفكيره بحالة الموصى له بعد الموت ، ومحاولته إيجاد فرصة مادية له في ما يوصي له به. ويأتي التشريع ـ بعد ذلك ـ ليؤكد هذه الإرادة ، وليفرض تنفيذها على المكلفين بشكل دقيق لا مجال فيه للتغيير والتبديل تحت طائلة الإثم والعقاب.
* * *
هل الآية منسوخة؟
وقد حاول بعض الفقهاء والمفسرين أن يعتبر الآية منسوخة بآية الإرث. وقيل في وجه ذلك: «إن الميراث في أول الإسلام لم يكن ثابتا على الكيفية التي جعلت في الشريعة بعد ذلك ، وإنما كان الإرث يدفع جميعه للولد ، وما يعطي الوالدان من المال فهو بطريق الوصية ، ولكن هذا الرأي غير دقيق من وجهين :
الوجه الأول : لأن آية الإرث قد رتّبت على عدم الوصية ، الأمر الذي يجعلها مؤكدة لشرعية الوصية بدرجة متقدمة ، فكيف يمكن أن تتضمن إلغاءها ونسخها الذي يتوقف على أن يكون الناسخ منافيا للمنسوخ في دلالته؟!
الوجه الثاني : لأن النسخ يفرض تأخر الآية الناسخة عن المنسوخة ، ولم يثبت ذلك بدرجة قطعية ، لأن الخبر الدال على ذلك من أخبار الآحاد التي لا تفيد علما ، مع أن النسخ يحتاج إلى الدليل القطعي.
ونضيف إلى ذلك أنه لا يمكن أن تكون ناسخة للوصية للأقربين ، لأنهم لا يرثون مع الولد ليكون الإرث بديلا عن الوصية.