بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) [آل عمران : ١٩٥] فإن في إبطال العمل بفعل عمل سلبيّ آخر إضاعة للعمل من خلال إبطال نتائجه الدنيوية والأخروية.
* * *
نظرة الإسلام إلى المرتد في قبول توبته
٤ ـ ما هي نظرة الإسلام إلى المرتد في قبول توبته من حيث المبدأ ، من خلال هذه الآية وغيرها؟.
إن هذه الآية توحي بأن العذاب الموعود به والحبط المذكور فيها يرتكزان على الارتداد المستمر إلى الموت ، أي الارتداد الذي لا توبة بعده ، وهذه هو ظاهر قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) فإن تعليق النتائج السلبية على الموت كافرا يوحي بأنه لو تاب قبل موته ، فمات وهو مؤمن ، فلا حبط لعمله ولا خلود في النار. وهذا المضمون يلتقي ، من ناحية إيحائية ، مع قبول التوبة في الدنيا ، بمعنى دخوله من جديد في دائرة رحمة الله ورضوانه كجزء من المجتمع الإسلامي.
وجاء في سورة آل عمران قوله تعالى : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) [آل عمران : ٨٦ ـ ٩٠].