مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] فأمر عزوجل باجتنابها ، وفسر عللها التي لها ومن أجلها حرّمها. ثم بين الله ـ عزوجل ـ تحريمها ، وكشفه في الآية الرابعة مع ما دلّ عليه في هذه الآية المذكورة المتقدمة بقوله عزوجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) [الأعراف : ٣٣] وقال الله عزوجل في الآية الأولى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) ثم قال في الآية الرابعة : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ) فخبر الله عزوجل أن الإثم في الخمر وغيرها ، وأنه حرام ، وذلك أن الله عزوجل إذا أراد أن يفترض فريضة أنزلها شيئا بعد شيء ، حتى يوطن الناس أنفسهم عليها ، ويسكنوا إلى أمر الله ـ عزوجل ـ ونهيه فيها ، وكان ذلك من فعل الله عزوجل على وجه التدبير فيهم أصوب وأقرب لهم إلى الأخذ بها ، وأقل لنفارهم منها (١).
وإذا كانت هذه الرواية مرسلة ، فإن مضمونها يتناسب مع مضمون الآيات ، مما يبعث على الثقة بصدورها ، فتكون حجة على أساس المبنى الذي قررناه في علم أصول الفقه ، وهو أن السيرة العقلائية ـ التي هي الأساس في حجية الأخبار ـ جارية على اعتبار الخبر الموثوق به لا خبر الثقة بالخصوص ، بل إن اعتباره من أجل كونه سببا للوثوق.
* * *
القرآن والتصدي لقضايا الواقع
في هاتين الآيتين معالجة لعدة قضايا دار الحوار حولها بين المسلمين وبين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض الأمور التشريعية مما كان يبتلى به الناس ، فقد سألوا
__________________
(١) الكافي ، ج : ٦ ، ص : ٤٠٦ ، رواية : ٢.