الإيحاءات والدروس
أولا : لا بد للعاملين في سبيل الله من استيحاء هذه الآية في غير هذا الجانب من قضايا التشريع أو العمل في سبيل الله ، مما قد يثير احتجاج البعض ، واستنكار البعض الآخر ، أو يدفعهم إلى التمرد وعدم الانضباط ، وذلك بأن تنطلق التربية الإيمانية على أساس الإحساس بضرورة التحرك من واقع التجربة ، وحركة العقيدة ، ليستوحيهما الإنسان في كل أموره العملية قبل أن يندفع في اتخاذ المواقف السلبية والإيجابية. وبذلك تتأكد الشخصية الإسلامية في مواقعها الصلبة الواعية ، فلا تهتز أمام حالات الانفعال ، ولا تسقط تحت تأثير ردود الفعل الطارئة السريعة ، ولا تندفع في طريق لا تعرف نهاياته وأبعاده ؛ بل تقف أمام الأشياء وقفة تأمل وتفكير ـ من دون فرق بين حالات التحدي أو حالات الاسترخاء ـ لتدرس كل شيء من مواقعه الذاتية بكل تجرد وموضوعية ، فلا يمكن للأعداء أن يقودوها إلى معركة لم تحدد مسارها ومنطلقاتها وأوقاتها ، ولا يمكن للأصدقاء أن يدفعوها في طريق لا تعرف كيف تتعامل معه في خطواته البطيئة والسريعة ، بل تقف وسطا بين الخطوط لتختار الخط الذي يناسبها من خلال دراسة موضوعية واعية مبنية على العلم والإيمان.
ثانيا : إن الإسلام يواجه الواقع في تشريعاته ، فهو يعترف بالواقع الصعب والتجربة المرّة ، ولكنه يوحي للإنسان بالأسرار العميقة ، والأرباح الكبيرة ، والنهايات السعيدة التي تكمن في القضية التي يعالجها التشريع ، بحيث تحقق للإنسان رغباته المادية أو المعنوية التي يتجاوز ـ من خلال الانفتاح عليها ـ كل الصعوبات والمرارات ، فيرحب بها بدلا من أن يتعقد منها.
ثالثا : أن تتحرك حسابات الخير والشر لدى الإنسان على أساس النظرة