خلال ذلك ـ على رضوانه وعلى جنته.
(وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) لأن النتائج السلبية التي تحصل لكم ، من خلال ذلك ، قد تكون أشد خطورة ، وإيلاما ، مما تأملونه ، أو تحبونه منه ، من النتائج الإيجابية. فإن القعود عن الجهاد ـ انطلاقا من حب الحياة ـ يؤدي إلى سيطرة الكفر على الإسلام ، وخضوع المسلمين للكافرين ، مما يوجب الذل والهوان والسقوط المعنوي والسياسي والأمني والاقتصادي ، والحرمان ـ من جانب آخر ـ من ثواب الله ونعيمه في جنته.
(وَاللهُ يَعْلَمُ) ما يصلحكم ويفسدكم ، مما قد تكون بداياته سيئة ونهاياته حسنة ، أو بالعكس ، لأنه يعلم عمق الأمور وجوهرها. (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) إلا السطح البارز منها فتقبلون على البداية الحلوة في غفلة عن النهاية المرة ، وتتحركون نحو الأمور من خلال ظواهرها ، ولا تبحثون عن بواطنها ، فتقعون في الشر وأنتم تريدون الخير ، أو تخسرون الخير حيث يخيل إليكم أنه الشر. ولذلك فعليكم أن تنطلقوا إلى ما يأمركم به لأن فيه الخير كله في الدنيا والآخرة ، وأن تبتعدوا عما ينهاكم عنه لأن فيه خسران الدنيا والآخرة.
قال الطبرسي في مجمع البيان : «أجمع المفسرون ـ إلا عطاء ـ أن هذه الآية دالة على وجوب الجهاد وفرضه ، غير أنه فرض على الكفاية حتى أن لو قعد جميع الناس أثموا به ، وإن قام به من في قيامه كفاية وغناء سقط عن الباقين. وقال عطاء : إن ذلك كان واجبا على الصحابة ، ولم يجب على غيرهم ، وقوله شاذ عن الإجماع» (١).
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٥٤٩.