ولكننا لا نرى فرقا بينه وبين اقتحام المجاهد ساحة الحرب الجهادية مع علمه أو غلبة ظنه بالقتل ، إلا في أن القتل هناك بيد العدو ، وفي هذه القضية بيده ؛ ولكن هذا الفرق ليس بفارق من حيث الحكم الشرعي ، ما دامت خطة الجهاد تفرض ذلك من خلال حاجة المعركة للوصول إلى النتائج الإيجابية على مستوى المرحلة في خط الاستراتيجية والهدف النهائي الكبير. وما ذا يقول هؤلاء في حاجة الحرب إلى اقتحام المجاهدين للأرض المزروعة بالألغام التي تتفجر بالأشخاص الذين يمرون عليها؟ فإنه قد يجوز لهم أو يجب عليهم القيام بذلك إذا توقف النصر عليه.
وربما كانت مشكلة هؤلاء أنهم لا يؤمنون بالجهاد من حيث المبدأ في هذه المرحلة من عمر الإسلام ، ويرون أن التكليف الشرعي يفرض عليهم القعود والانتظار إلى ظهور الإمام المهدي عليهالسلام ، ليبرروا لأنفسهم الابتعاد عن ساحة المعركة ، وليثيروا النكير على المجاهدين في كل ساحات الصراع.
* * *
الإحسان ... شريعة أخلاقية
(وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) وهذه شريعة أخلاقية قرآنية يؤكد عليها القرآن في أكثر من آية ، وهي شريعة الإحسان في كل الأعمال التي يقوم بها الإنسان في علاقاته مع الآخرين في حالة السلم وفي حالة الحرب. وقد جاء في آية أخرى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل : ٩٠]. أما قيمة الإحسان فتتمثل في السلوك العملي الذي ينفتح فيه الإنسان على الجانب الخيّر في الحياة ، وهو العطاء السمح الذي ينساب من روح الإنسان وشعوره