أكثر أهل السنة ، إلى أنه رخصة ، وقدّروا في الآية كلمة : فأفطر ، فقالوا ، إن تقديرها فمن كان مريضا أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر ... ولكن هذا ضعيف بأن التقدير خلاف الظاهر ولا يصار إليه إلا بدليل ، ولا دليل في الآية عليه ، وبأن هذا التقدير لا يمنع من العزيمة لأن الحديث عن الإفطار لا يعني إلا جوازه في مقابل التحريم ولا يعني ذلك في مقابل الإلزام.
* * *
متى تجب الفدية؟
(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) الإطاقة ـ كما ذكره بعضهم ـ صرف تمام الطاقة في الفعل ، ولازمه وقوع الفعل بجهد ومشقة (١) والفدية هي البدل المالي عن الصوم. والظاهر من الآية ـ بمقتضى السياق ـ هو حالة الذين يستطيعون الصوم بجهد ومشقة وهم الشيوخ الذين يجدهم الصوم ، فإن مثل هؤلاء لا يكلفون بالصوم ولا يكلفون بالقضاء ، بل يمكنهم الاكتفاء بدفع الفدية. وقد ورد ذلك في تفسير العياشي عن الإمام محمد الباقر عليهالسلام قال : الشيخ الكبير والذي يأخذه العطاش (٢).
وقد ذهب بعضهم إلى أن هذه الفقرة تدلّ على الرخصة ، على أساس تخيير الله للقادرين بين الصوم وبين الإفطار ودفع الفدية ، ثم نسخت بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). ولكن ذلك مردود بدراسة الآيات التي تدل على وحدة الفرض والسياق ، ولا يحتاج ذلك إلا إلى ذوق سليم وحس مرهف.
__________________
(١) الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، ط : ١ ، ١٤١١ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ٢ ، ص : ١٢
(٢) انظر : م. ن. ، ج : ٢ ، ص : ٢٨.