الصوم وحدود العلاقات الجنسية في شهر رمضان
في هذه الاية تحديد للأوقات التي تحرم فيها العلاقة الجنسية على الصائمين. فقد ورد في بعض الأحاديث أنها كانت محرمة عليهم في الليل والنهار ، وكان هذا التحريم حرجا عليهم حتى أن بعض الشباب كانوا يمارسونها سرا في الليل ، فيجدون في أنفسهم الشعور المهين بالخيانة. فجاء هذا التحليل في هذه الاية ليرفع ذلك عنهم ، في ما يأتي ، ويتوب عليهم ويعفو عنهم في ما مضى.
وربما كان في جو الاية ـ كما ورد في أسباب النزول ـ ما يوحي بالتشجيع على هذه الممارسة ، من أجل أن يفرّغ الصائمون أنفسهم من كل المشاعر الشهوانية التي تثقل وجدانهم ، فتشغلهم عن روحانية الصوم وأسلوبه العملي في التربية على التقوى ، لأن الله لا يريد للتقوى أن تتحرك في حياة الإنسان على أساس منهج القسر والضغط والشدة ، الذي لا يترك مجالا للإنسان ليتنفس أو ينفتح أو يواجه الموقف من موقع الطبيعة البشرية ، بل أرادها أن تنطلق على أساس الإرادة المرتكزة على الانفتاح على الشهوات من بعض الجهات ، لتنغلق عنها في الأخرى التي حرمها الله ، فيكون الالتزام بخط التحريم قريبا إلى طبيعة الإنسان في حركته في صعيد الواقع.
وفي ضوء هذا ، كان الصوم في النهار أسلوبا واقعيا عمليا ، لأنه لا يشل الحاجة الغريزية في الإنسان تماما ، بل يترك لها المجال لتشبع جوعها في الليل. وبهذا جاءت الفقرة القرآنية في قوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) للإيحاء بشدة العلاقة التي تربط الرجل والمرأة ببعضهما البعض ، مما يوجب قلة الصبر عن الامتناع والاجتناب عن الحاجة الجنسية لأحدهما تجاه الاخر. وقد كنى عن الجماع بالرفث ، لأن الرفث هو الإفصاح بما يجب أن