المكتوب علينا بما كتب على الذين من قبلنا يوحي بوحدة الصوم عندنا وعندهم ، ولكن ذلك غير ثابت ، لأن التشبيه يكفي فيه أن يكون واردا لبيان أصل التشريع من دون دخول في تفاصيله.
* * *
الصوم والتقوى
وهذا ما نستوحيه من الآية الكريمة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) إذ لا بد لكم من القيام به فرضا واجبا ، كعبادة شرعية تتقربون بها إلى الله ، وتحققون فيها الكثير من المنافع الروحية والأخلاقية والجسدية ، (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، فلستم أوّل الأمم التي يفرض عليها هذا النوع من الإمساك العملي ، لأن القضية ليست حالة خاصة في ظرف خاص يتصل بكم بشكل خاص ، بل هي حالة عامة في الإنسان كله من حيث علاقة الترك المخصوص لبعض الأشياء في توازن حياته ، كما هي علاقة الفعل الخاص في الجوانب الأخرى منها ، وربما اختلف الصوم في طبيعته ومفرداته بين أمة وأخرى ، ولكن المبدأ واحد.
وقد ختمت الآية بيان الصوم ، بقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) للإيحاء بأن التقوى هي غاية للصوم أو نتيجة له ، نظرا لما يثيره في داخل الإنسان من الرقابة الذاتية الداخلية التي تمنعه من ممارسة كثير من الأشياء المعتادة له من شهواته ومطاعمه ومشاربه ، انطلاقا من وعيه التام للإشراف الإلهي عليه في كل صغيرة وكبيرة.
وهذا ما تعبر عنه مفردة «التقوى» بما تمثله من الانضباط أمام ما يريده الله منه وما لا يريده ، وذلك بأن لا يفقده الله حيث يريده ولا يجده حيث