الذي يلتقي مع معنى الحبط والبطلان.
وفي ضوء ذلك ، يكون الحبط كناية عن أن هذه الأعمال ـ مع الكفر ـ صارت بمنزلة العدم ، لأن الإيمان هو الذي يعطي العمل قيمته ونتائجه الإيجابية. فليست السعادة التي يتطلبها الإنسان شيئا يعيشه في حياته الداخلية من موقع الثقة التي يفرضها الإيمان ، بل هو شيء يحصل عليه من خلال عطاء الله له ، لأن الله يعطي الثواب في الدنيا كما في الآخرة ، وسينزل العذاب في الدنيا كما ينزله في الآخرة. وهذا هو جوّ الآية ، والله العالم.
* * *
هل الأعمال يبطل بعضها بعضا؟
٢ ـ هناك خلاف فكري بين المؤمنين : هل أن الأعمال يبطل بعضها بعضا بحيث تبطل الحسنة السيئة ، أو السيئة الحسنة ، أو يبقى كل واحد منهما على حاله في قضية الجزاء؟
فهناك قائل ببطلان الإحباط.
أولا : لأنه ظلم مستحيل على الله سبحانه. وهذا ما ذكره نصير الدّين الطوسي في تجريد الاعتقاد ، قال : إن الإحباط نوع من الظلم ، فلو أن شخصا قلّت حسناته وكثرت ذنوبه ، فسيكون الإحباط بالنسبة إليه أن يصبح شخصا لم يعمل حسنة قط ، وهذا ظلم بحقه.
وثانيا : الآيات الدالة على أن الإنسان يجزى بعمله مطلقا ، سواء لحقه شيء مضاد له أو لم يلحقه كما في قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة : ٧ ـ ٨]. وقوله تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التوبة : ٢٠١] وظاهر هذه الآية أن الأعمال تبقى على حالها في نتائجها الإيجابية والسلبية حتى تأتيهم التوبة من الله سبحانه.