وعلى هذا ، فيمكن الحكم بتحريم التدخين الذي ثبت علميا بأن ضرره أكثر من نفعه ، بل ربما يكون مما لا نفع فيه ، وقد يتحدث الأطباء الاختصاصيون بأنه ، في المسألة النوعية ، يؤدي إلى التهلكة لعلاقته بالسرطان أو ببعض أمراض الرئة ونحوها بالدرجة التي يغلب فيها الموت ، ويمكن الحكم بتحريم المخدرات كالأفيون والحشيشة والهيرويين ونحوها مما ثبت علميا وحسيا أنها تدمر حياة الإنسان ، لأنها تقود إلى الإدمان الذي يتحول فيه الإنسان في أغلب الحالات إلى إنسان مشلول الفكر والحركة والإنتاج ، وقد نجد أن أضراره من الناحية النفسية والعملية والاجتماعية أكبر من أضرار الخمر بكثير. وهكذا نستطيع ـ بفضل هذه القاعدة ـ أن نحكم بتحريم الكثير من الأشياء والأفعال التي تشتمل على هذه الخصوصية التي قررها القرآن في هذه الآية.
إننا نثير هذه الملاحظة الفقهية للمناقشة العملية ، لما تمثله من نتائج مهمة في الشريعة.
* * *
الاية في خط الدعوة والتربية
وقد نستطيع استيحاء هذا الأسلوب في حركة الدعوة ، بأن نثير أمام الناس إيجابيات القضايا بالإضافة إلى سلبياتها ، سواء كان ذلك في المسائل التي يطرحها الإسلام في مفاهيمه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، أو التي يؤمن بها الآخرون مما لا يؤمن به الإسلام في شريعته. فإن التأكيد على الإيجابيات في جانبنا ، والسلبيات في جانب الآخرين ، يوحي بالتعصب للموقع الذاتي ضد مواقع الآخرين ، بينما يمثل التوازن بين الخطين الاعتدال والموضوعية والعدالة في النظرة إلى مواقع الخلاف ، الأمر الذي يجتذب الناس