مستوى الحالة الفردية ، وقد يكون ظلما للمجتمع بما يحدثه من الأضرار الاجتماعية ، كما أنها عقلائية من خلال السيرة العقلائية الجارية في أمورهم العامة على الخاصة على ترك ما كان ضرره أكثر من نفعه.
فإذا كان ما يحكم به العقل يحكم به الشرع ، وإذا كانت السيرة العقلائية محترمة لدى الشارع في القضايا العامة التي لا تخضع للتعبد من خلال الخصوصيات الخفية التي لا يدركها الناس ، بل تخضع للمصالح والمفاسد المعروفة لديهم ، وإذا كانت الآية قد أكدت المسألة بحيث يمكن القول بأنها تؤكد حكم العقل وتمضي سيرة العقلاء وبناءهم ، فإن النتيجة لا بد من أن تكون في مستوى القاعدة لا في مستوى الحكم الخاص. وإذا كان البعض يثير احتمال أن الآية واردة على نحو الحكمة لا على نحو العلة ، فإننا نرّد عليه بأن الحكمة النوعية تمثل علة للتشريع العام ، على أساس تحقيق المصالح الكبرى للإنسان وإبعاد المفاسد النوعية المهمّة عن الواقع ، بحيث تنعدم المصالح أو المفاسد الصغيرة أمام ذلك.
وفي ضوء ذلك ، نستطيع استيحاء ما ذكر في حكمة تشريع العدة ، أنه عدم اختلاط المياه في عملية النكاح من حيث التناسل والتوالد ، لأن الزواج بعد الطلاق قد يؤدي إلى الحيرة في إلحاق الولد بالزوج الأول أو الثاني. فإذا كانت هذه الحكمة واردة في التشريع ، فيمكن أن تسري إلى كل ما كان من هذا القبيل.
وربما نستوحي ذلك في مسألة تعليل حرمة الخمر بالإسكار ، فإنها واردة على أساس المسألة النوعية ، من جهة الإسكار الفعلي ، ولذلك قرر الفقهاء بأن «ما أسكر كثيره فقليله حرام» ، كما قرروا حرمة شرب الخمر في الموارد التي يملك الإنسان فيها المناعة من السكر ، لاعتياده عليه بالمستوى الذي لا يؤثر فيه كما في بعض المدمنين ونحو ذلك.