وقد لا نجد مانعا من التسليم بنزول الاية في هذا المورد ، ولكن سبب النزول لا يحدد مفهوم الاية بمورد نزولها ، بل يكون منطلقا للفكرة العامة.
* * *
الإسلام ينفتح على الاستجابة أمام إثارة التساؤلات
وهذا أسلوب جديد من أساليب القرآن في التربية ، وهو أسلوب إثارة السؤال من خلال ما يقدمه الآخرون من القضايا التي تدور في تفكيرهم ، فيحاولون معرفتها بهذه الطريقة ، وقد أراد الله للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يهتم بكل الأسئلة التي تطرح عليه ، لأن من حق الناس عليه أن يبتدئهم بالمعرفة إذا لم يسألوه ، وأن يجيبهم إذا توجهوا إليه بالسؤال ، لأن الله قد أرسله من أجل أن يزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ويفتح لهم أبواب المعرفة على أوسع مدى وأرحب مجال.
وقد يكون هذا التأكيد على الأسئلة التي كانت توجّه إلى النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من المسلمين ، والأجوبة التي كان يقدّمها إليهم ، ونقل ذلك في القرآن ، إيحاء بأن الإسلام ينفتح على كل علامات الاستفهام التي تدور في أذهان الناس في القضايا التي تشغل تفكيرهم في حياتهم الخاصة والعامة ، فمن حق الناس أن يطلقوا كل الأسئلة أمام القيادة الإسلامية ، حتى إذا كانت في مستوى النبوة المتمثلة بالنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأن ذلك هو الذي يحرّك الإنسان في خطوات المعرفة.
فقد ترد هناك بعض العناوين التي لا يملك الإنسان وضوح الفكرة فيها ، وقد تنطلق بعض الأفكار المضادة للعقيدة ، أو للشريعة ، أو للموقف القيادي ، أو للواقع العام ، مما يثير التساؤل أو الرفض ... ولا بد للقيادة الفكرية والسياسية من الاستجابة لذلك كله بكل انفتاح ورحابة صدر وسعة أفق ، بعيدا